ولست به غير أنه بك شبيه.
وأقسم بالله [أنه] لولا بعض الاستبقاء لوصلت إليك مني نوازع تقرع العظم وتهلس اللحم واعلم أن الشيطان قد ثبطك عن أن تراجع أحسن أمورك وتأذن لمقال نصيحتك والسلام.
بيان:
[قوله عليه السلام:] " فإني على التردد " قال ابن أبي الحديد: ليس معناه التوقف بل التردد والتكرار أي أنا لائم نفسي على أني أكرر تارة بعد تارة أجوبتك عما تكتبه وأجعلك نظيرا لي أكتب وتجيبني وتكتب وأجيبك وإنما كان ينبغي أن يكون جواب مثلك السكوت [قوله عليه السلام:] " لموهن رأيي " أي أعده واهنا ضعيفا والغرض المبالغة في عدم استحقاقه للجواب وإلا فلم يكن فعله عليه السلام إلا حقا وصوابا.
[قوله عليه السلام]: " وإنك إذ تحاولني الأمور " الظاهر من كلام الشارحين أنهما حملا المحاولة على معنى القصد والإرادة وحينئذ يحتاج إلى تقدير حرف الجر.
ويحتمل أن يكون مفاعلة من حال بمعنى حجز ومنع أي تمانعني الأمور وتراجعني السطور أي بالسطور كالمستثقل النائم قال ابن أبي الحديد: أي كالنائم يرى أحلاما كاذبة أو كمن قام بين يدي سلطان أو بين قوم عقلاء ليعتذر عن أمر أو ليخطب لأمر في نفسه " قد بهظه مقامه ذلك " أي أثقله فهو لا يدري هل ينطق بكلام هو له أم عليه فيتحير انتهى.
وفي قوله عليه السلام: " إنه بك شبيه " إيذان بأن معاوية أقوى في ذلك ويقال: استبقيت من الشئ أي تركت بعضه واستبقاه أي استحياه ويحتمل أن يكون من أبقيت عليه أي رحمته. " نوازع تقرع العظم " قال ابن أبي الحديد:
روى نوازع جمع نازعة أي جاذبة قالعة ويروى " قوارع " بالقاف والراء ويروى " تهلس اللحم ". " تلهس " بتقديم اللام فأما تهلس بكسر اللام فالمعنى تذيبه حتى يصير كبدن به الهلاس وهو السل. وأما تلهس فهو بمعنى تلحس