على أن الظاهر للمتأمل في أجزاء الكلام حيث علل الامر بالتماس الغير باستقبال أمر لا تقوم له القلوب وتنكر المحجة وأنه إن أجابهم حملهم على الحق هو أن السبب في ذلك المانع دون عدم النص وأنه لم يكن متعينا للإمامة أو لم يكن أحق وأولى به ونحو ذلك ولعل الوجه في قوله (عليه السلام) " لعلي أسمعكم وأطوعكم " هو أنه إذا تولى الغير أمر الإمامة ولم تتم الشرائط في خلافته (عليه السلام) لم يكن ليعدل عن مقتضى التقية بخلاف سائر الناس حيث يجوز الخطأ عليهم.
وأما قوله: " فأنا لكم وزيرا خير لكم مني أميرا " فلعل المراد بالخيرية فيه موافقة الغرض أو سهولة الحال في الدنيا فإنه (عليه السلام) على تقدير الإمامة وبسط اليد لا يجب عليه العمل بمحض الحق وهو يصعب على النفوس ولا يحصل به آمال الطامعين بخلاف ما إذا كان وزيرا فإن الوزير يشير بالرأي مع تجويز التأثير في الأمير وعدم الخوف ونحوه من شرايط الامر بالمعروف ولعل الأمير الذي يولونه الامر يرى في كثير من الأمور ما يطابق آمال القوم ويوافق أطماعهم ولا يعمل بما يشير به الوزير فيكون وزارته أوفق لمقصود القوم فالحاصل أن ما قصدتموه من بيعتي لا يتم لكم ووزارتي أوفق لغرضكم والغرض إتمام الحجة كما عرفت.
24 - أمالي الطوسي: الحسين بن عبد الله عن أحمد بن جعفر البزوفري عن حميد بن زياد عن العباس بن عبيد الله الدهقان عن إبراهيم بن صالح الأنماطي رفعه قال:
لما أصبح أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد البيعة دخل بيت المال ودعى بمال كان قد اجتمع فقسمه ثلاثة دنانير بين من حضر من الناس كلهم فقام سهل بن حنيف فقال يا أمير المؤمنين قد أعتقت هذا الغلام فأعطاه ثلاثة دنانير مثل ما أعطى سهل بن حنيف.