بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٢ - الصفحة ٣٧
وقال ابن أبي الحديد (1) - كما هو دأبه أن يأتي بالحق ثم عنه يحيد -: هذا الكلام يحمله أصحابنا على ظاهره ويقولون: أنه (عليه السلام) لم يكن منصوصا عليه بالإمامة وإن كان أولى الناس بها لأنه لو كان منصوصا عليه لما جاز أن يقول: دعوني والتمسوا غيري.
ثم ذكر تأويل الامامية منه أن يسير فيهم بسيرة الخلفاء ويفضل بعضهم على بعض في العطاء أو بأن الكلام خرج مخرج التضجر والتسخط لافعال الذين عدلوا عنه (عليه السلام) قبل ذلك للأغراض الدنيوية أو بأنه خرج مخرج التهكم كقوله تعالى: * (ذق إنك أنت العزيز الكريم) * أي بزعمك ثم قال:
واعلم أن ما ذكروه ليس ببعيد لو دل عليه دليل فأما إذا لم يدل عليه دليل فلا يجوز صرف اللفظ عن ظاهره.
ولا يخفى على اللبيب أنه بعد الاغماض عن الأدلة القاهرة والنصوص المتواترة لا فرق بين المذهبين في وجوب التأويل ولا يستقيم الحمل على ظاهره إلا على القول بأن إمامته عليه السلام كانت مرجوحة وأن كونه وزيرا أولى من كونه أميرا وهو ينافي القول بالتفضيل الذي قال به فإنه (عليه السلام) إذا كان أحق الإمامة وبطل تفضيل المفضول على ما هو الحق واختاره أيضا كيف يجوز للناس أن يعدلوا عنه إلى غيره وكيف يجوز له (عليه السلام) أن يأمر الناس بتركه والعدول عنه إلى غيره مع عدم ضرورة تدعو إلى ترك الإمامة، ومع وجود الضرورة كما جاز ترك الإمامة الواجبة بالدليل جاز ترك الإمامة المنصوص عليها فالتأويل واجب على التقديرين ولا نعلم أحدا قال بتفضيل غيره عليه ورجحان العدول إلى أحد سواه في ذلك الزمان.

(1) ذكره في شرح المختار: (91) من خطب نهج البلاغة من شرحه: ج 2 ص 597 طبع الحديث ببيروت.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الأول: باب بيعة أمير المؤمنين عليه السلام وما جرى بعدها من نكث الناكثين إلى غزوة الحمل 1
2 الباب الثاني: باب احتجاج أم سلمة على عائشة ومنعها عن الخروج 149
3 الباب الثالث: باب ورود البصرة ووقعه الجمل وما وقع فيها من الإحتجاج 171
4 الباب الرابع: باب احتجاجه عليه السلام على أهل البصرة وغيرهم بعد انقضاء الحرب وخطبه (عليه السلام) عند ذلك. 221
5 الباب السادس: باب نهى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم عائشة عن مقاتلة علي عليه السلام وإخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم إياها بذلك 277
6 الباب السابع: باب أمر الله ورسوله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين وكل من قاتل عليا صلوات الله عليه وفي [بيان] عقاب الناكثين. 289
7 الباب الثامن: باب حكم من حارب عليا أمير المؤمنين صلوات الله عليه 319
8 الباب التاسع: باب احتجاجات الأئمة عليهم السلام وأصحابهم على الذين أنكروا على أمير المؤمنين صلوات الله عليه حروبه. 343
9 الباب العاشر: باب خروجه صلوات الله عليه من البصرة وقدومه الكوفة إلى خروجه إلى الشام 351
10 الباب الحادي عشر: باب بغي معاوية وامتناع أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن تأميره وتوجهه إلى الشام للقائه إلى ابتداء غزوات صفين. 365
11 الباب الثاني عشر: باب جمل ما وقع بصفين من المحاربات والاحتجاجات إلى التحكيم 447