وأما الاعتراض على الجواب الثاني فضعيف أيضا لان له أن يقول: إن قتل المسلم إذا صدر عن بعض الجيش ولم ينكر الباقون مع تمكنهم وحضورهم كان ذلك قرينة على الرضا من جميعهم والراضي بالقتل شريك القاتل خصوصا إذا كان معروفا بصحبته والاتحاد به لاتحاد بعض الجيش ببعض وكان خروج ذلك الجيش على الامام محاربة لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله) وسعيا في الأرض بالفساد وذلك عين مقتضى الآية انتهى ملخص كلامه.
ويمكن أن يجاب عن اعتراضه على الجواب بأن هؤلاء كانوا مدعين لشبهة لم تكن شبهة محتملة لأنهم خرجوا على الامام بعد البيعة طائعين غير مكرهين كما ذكره (عليه السلام) مع أن الاحتمال كاف له فتأمل.
ويمكن الجواب عن أصل السؤال بأن التعليل ليس بعدم إنكار المنكر مطلقا بل بعدم إنكار هؤلاء لهذا المنكر الخاص أي قتل واحد من المسلمين المعاونين للإمام (عليه السلام) بالخروج عليه وربما يشعر بذلك قوله (عليه السلام): لحل لي قتل ذلك الجيش.
ويمكن حمل كلام الراوندي على ذلك. وأما ما ذكره أخيرا من جواز قتل الراضي بالقتل فإن أراد الحكم كليا فلا يخفى إشكاله وإن أراد في هذه المادة الخاصة فصحيح.
ويرد على جواب ابن أبي الحديد مثل ما أورده هو على الراوندي رحمه الله بأن الاشكال إنما هو في التعليل بعدم إنكار المنكر لا في استحلال القتل ولو قدر في كلامه (عليه السلام) كان يقول: " المراد إذ حضروه مستحلين فلم ينكروا ". لأمكن للراوندي أن يقول: إذ حضروه محاربين.
ولو أجاب بأن الحضور مع عدم الانكار هو الاستحلال فبطلانه ظاهر مع أن للراوندي رحمه الله أن يقول: الحضور في جيش قد قتل بعضهم أحدا من أتباع الامام من حيث إنه من شيعته مع عدم الانكار والدفع محاربة لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله) ولا ريب أنه كذلك.