ثم قال نصر وابن أبي الحديد: ودعا [علي عليه السلام] زياد بن النضر وشريح بن هانئ وكانا على مذحج والأشعريين فقال:
يا زياد اتق الله في كل ممسى ومصبح وخف على نفسك الدنيا الغرور ولا تأمنها على حال من البلاء واعلم أنك إن لم تزعها عن كثير مما تحب مخافة مكروهه سمت بك الأهواء إلى كثير من الضرر فكن لنفسك مانعا وازعا من البغي والظلم والعدوان فإني قد وليتك هذا الجند فلا تستطيلن عليهم إن خيركم عند الله أتقاكم وتعلم من عالمهم وعلم جاهلهم واحلم عن سفيههم فإنك إنما تدرك الخير بالحلم وكف الأذى والجهل.
فقال: زياد أوصيت يا أمير المؤمنين حافظا لوصيتك مؤدبا بأدبك يرى الرشد في نفاذ أمرك والغي في تضييع عهدك.
فأمرهما أن يأخذا على طريق واحد ولا يختلفا، وبعثهما في اثني عشر ألفا على مقدمته وكل منهما على جماعة من هذا الجيش.
فلما سارا اختلفا وكتب كل منهما إليه يشكو من صاحبه فكتب (عليه السلام) إليهما:
من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى زياد بن النضر وشريح بن هانئ سلام عليكما فإني أحمد إليكما الله الذي لا إله إلا هو.
أما بعد فإني وليت زياد بن النضر مقدمتي وأمرته عليها وشريح على طائفة منها أمير فإن جمعكما بأس فزياد على الناس كلهم وإن افترقتما فكل واحد منكما أمير على الطائفة التي وليته عليها.
واعلما أن مقدمة القوم عيونهم وعيون المقدمة طلائعهم وإذا أنتما خرجتما من بلادكما ودنوتما من بلاد عدوكما فلا تسأما من توجيه الطائع ومن نفض الشعاب والشجر والخمر في كل جانب كيلا يعتريكما عدو أو يكون لهم