قال معاوية: ما كنت لأخالف عليكم ما أنا إلا رجل من أهل الشام. قال فرد هذا الرجل إلى أصحابه [إذن].
قال: فعرف معاوية أن شرحبيل قد نفذت بصيرته في حرب أهل العراق وأن أهل الشام مع شرحبيل.
فخرج شرحبيل فأتى حصين بن نمير فقال: ابعث إلى جرير فبعث إليه حصين أن زرنا فإن عندنا شرحبيل بن السمط فاجتمعا عنده.
فتكلم شرحبيل فقال: يا جرير أتيتنا بأمر ملفق لتلقينا في لهوات الأسد وأردت أن تخلط الشام بالعراق وأطريت عليا وهو قاتل عثمان والله سائلك عما قلت يوم القيامة.
فأقبل عليه جرير وقال: يا شرحبيل أما قولك إني جئت بأمر ملفف فكيف يكون أمرا ملففا وقد اجتمع عليه المهاجرون والأنصار وقوتل على رده طلحة والزبير.
وأما قولك: إني ألقيتك في لهوات الأسد ففي لهواتها ألقيت نفسك.
وأما خلط العراق بالشام فخلطها على حق خير من فرقتها على باطل.
وأما قولك إن عليا قتل عثمان فوالله ما في يديك من ذلك إلا القذف بالغيب من مكان بعيد، ولكنك ملت إلى الدنيا وشئ كان في نفسك علي زمن سعد بن أبي وقاص.
فبلغ معاوية قول الرجلين فبعث إلى جرير وزجره وكتب جرير إلى شرحبيل أبياتا يعظه فيها فزعر شرحبيل وفكر فاستزله القوم ولفف له معاوية الرجال ولم ينفعه زجر قومه [له] ولا غيرهم حتى أنه بعثه معاوية إلى مدائن الشام يدعوهم إلى الطلب بدم عثمان فبدأ بأهل حمص فأجابوه إلا نساك من أهل حمص فإنهم قاموا إليه فقالوا: بيوتنا قبورنا ومساجدنا وأنت أعلم بما ترى.