ونزل عن المنبر وجلس ناحية المسجد وبعث إلى طلحة والزبير فدعاهما ثم قال لهما: ألم تأتياني وتبايعاني طائعين غير مكرهين فما أنكرتم أجور في حكم أو استيثار في فئ؟ قالا: لا. قال: أو في أمر دعوتماني إليه من أمر المسلمين فقصرت عنه؟ قالا: معاذ الله. قال: فما الذي كرهتما من أمري حتى رأيتما خلافي؟ قالا: خلافك عمر بن الخطاب في القسم وانتقاصنا حقنا من الفئ جعلت حظنا في الاسلام كحظ غيرنا فيما أفاء الله علينا بسيوفنا ممن هو لنا فئ فسويت بيننا وبينهم.
فقال علي (عليه السلام): الله أكبر اللهم إني أشهدك وأشهد من حضر عليهما أما ما ذكرتما من الاستيثار (1) فوالله ما كانت لي في الولاية رغبة ولا لي فيها محبة ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها فكرهت خلافكم فلما أفضت إلي نظرت إلى كتاب الله وما وضع وأمر فيه بالحكم وقسم وسن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأمضيته ولم أحتج فيه إلى رأيكما ودخولكما معي ولا غيركما ولم يقع أمر جهلته فأتقوى فيه برأيكما ومشورتكما ولو كان ذلك لم أرغب عنكما ولا عن غيركما إذا لم يكن في كتاب الله ولا في سنة نبينا صلى الله عليه وآله فأما ما كان فلا يحتاج فيه إلى أحد.
وأما ما ذكرتما من أمر الأسوة فإن ذلك أمر لم أحكم أنا فيه ووجدت أنا وأنتما قد جاء به محمد (صلى الله عليه وآله) من كتاب الله فلم أحتج فيه إليكما قد فرغ من قسمه كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
وأما قولكما جعلتنا فيه كمن ضربناه بأسيافنا وأفاء الله علينا وقد سبق رجال رجالا فلم يضرهم ولم يستأثرهم عليهم من سبقهم لم يضرهم حين