ظالمة لنفسك غاشة لدينك عاتية على ربك عاصية لرسول الله فإذا رجعت إلى بيتك لم ندخله إلا بإذنك، ولم نجلس على متاعك إلا بأمرك، إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعث إليك يأمرك بالرحيل إلى المدينة وقلة العرجة.
فقالت: رحم الله أمير المؤمنين ذلك عمر بن الخطاب. فقال ابن عباس:
هذا والله أمير المؤمنين وإن تربدت فيه وجوه ورغمت فيه معاطس أما والله لهو أمير المؤمنين وأمس برسول الله رحما وأقرب قرابة وأقدم سبقا وأكثر علما وأعلى منارا وأكثر آثارا من أبيك ومن عمر. فقالت: أبيت ذلك. فقال: أما والله إن كان إباؤك فيه لقصير المدة عظيم التبعة ظاهر الشوم بين النكد وما كان إباؤك فيه إلا حلب شاة حتى صرت ما تأمرين ولا تنهين ولا ترفعين ولا تضعين وما كان مثلك إلا كمثل الحضرمي بن نجمان أخي بني أسد حيث يقول:
ما زال إهداء القصائد بيننا * شتم الصديق وكثرة الألقاب حتى تركتهم كأن قلوبهم * في كل مجمعة طنين ذباب قال: فأراقت دمعها وأبدت عويلها وتبدأ نشيجها ثم قالت: أخرج والله عنكم فما في الأرض بلد أبغض إلي من بلد تكونون فيه!!
فقال ابن عباس رحمه الله: فلم؟ والله ماذا بلاءنا عندك ولا بصنيعنا إليك إنا جعلناك للمؤمنين أما وأنت بنت أم رومان وجعلنا أباك صديقا وهو ابن أبي قحافة حامل قصاع الودك لابن جذعان إلى أضيافه؟! فقالت: يا ابن عباس تمنون علي برسول الله؟ فقال: ولم لا يمن عليك بمن لو كان منك قلامة منه مننتنا به!! ونحن لحمه ودمه ومنه وإليه وما أنت إلا حشيته من تسع حشايا خلفهن بعده لست بأبيضهن لونا ولا بأحسنهن وجها ولا بأرشحهن عرقا ولا بأنضرهن ورقا ولا بأطراهن أصلا فصرت تأمرين فتطاعين وتدعين فتجابين وما مثلك إلا كما قال أخو بني فهر:
مننت على قومي فأبدوا عداوة * فقلت لهم: كفوا العداوة والشكرا ففيه رضا من مثلكم لصديقه * وأحج بكم أن تجمعوا البغي والكفرا قال [ابن عباس]: ثم نهضت وأتيت أمير المؤمنين فأخبرته بمقالتها وما رددت عليها