فأمسك عنهن [أمير المؤمنين] ثم قال: أين منزل عائشة؟ فأومأن إلى حجرة في الدار فحملنا عليا عن دابته فأنزلناه فدخل عليها فلم أسمع من قول علي شيئا إلا أن عائشة كانت امرأة عالية الصوت فسمعنا [قولها] كهيئة المعاذير: أني لم أفعل ثم خرج علينا أمير المؤمنين فحملناه على دابته فعارضته امرأة من قبل الدار فقال: أين صفية قالت: لبيك يا أمير المؤمنين قال: ألا تكفين عني هؤلاء الكلبات التي يزعمن أني قاتل الأحبة لو قتلت الأحبة لقتلت من في تلك الدار - وأومى بيده إلى ثلاث حجر في الدار - [قال:] فضربنا بأيدينا على قوائم السيوف وضربنا بأبصارنا إلى الحجر التي أومى إليها فوالله ما بقيت في الدار باكية إلا سكنت ولا قائمة إلا جلست.
قلت: يا أبا القاسم فمن كان في تلك الثلاث حجر!! قال: أما واحدة فكان فيها مروان بن الحكم جريحا ومعه شباب قريش جرحى.
وأما الثانية فكان فيها عبد الله بن الزبير ومعه آل الزبير جرحى.
وأما الثالثة فكان فيها رئيس أهل البصرة يدور مع عائشة أين ما دارت.
قلت: يا أبا القسم هؤلاء أصحاب القرحة فهلا ملتم عليهم بهذه السيوف؟ قال: يا ابن أخي أمير المؤمنين كان أعلم منك وسعهم أمانه إنما لما هزمنا القوم نادى مناديه: " لا يدفف على جريح ولا يتبع مدبر، ومن ألقى سلاحه فهو آمن " سنة يستن بها بعد يومكم هذا.
ثم مضى ومضينا معه حتى انتهينا إلى المعسكر. فقام إليه ناس من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) منهم أبو أيوب الأنصاري وقيس بن سعد وعمار بن ياسر وزيد بن حارثة وأبو ليلى فقال: ألا أخبركم بسبعة [هم] من أفضل الخلق يوم يجمعهم الله تعالى؟ قال أبو أيوب: بلى والله فأخبرنا يا أمير - المؤمنين فإنك كنت تشهد ونغيب قال: فإن أفضل الخلق يوم يجمعهم الله تعالى سبعة من بني عبد المطلب لا ينكر فضلهم إلا كافر ولا يجحد إلا جاحد.
قال عمار بن ياسر رضي الله عنه: ما اسمهم يا أمير المؤمنين فلنعرفنهم؟