ويحتمل أن يكون المراد بصدق النية العلم الصادق الحاصل له عليه السلام بنفاقهم من العلامات كما قال تعالى * (فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول) * أي أنزلكم منزلة المخلصين لظاهر إسلامكم مع علمي واقعا بنفاقكم.
وقال الراوندي رحمه الله: ويحتمل وجها آخر وهو أن يكون المعنى إنما أخفى رتبتي ومنزلتي عليكم ما أنا متباطئه من التخلق بأخلاق الديانة: وهو أنه لا يعرفهم نفسه بمفاخرها ومآثرها فيكون من باب قوله " إن ها هنا علما جما لو أصبت له حملة " وعلى هذا يكون معناه إنكم إن صدقت نياتكم ونظرتم بعين صحيحة وأنصفتموني أبصرتم منزلتي.
" أقمت لكم على سنن الحق " أي قمت لكم على جادة طريق الحق حيث يضل من تنكب عنه ولا دليل غيري وحيث تحتفرون الآبار لتحصيل الماء " ولا تميهون " أي لا تجدون ماء.
" اليوم أنطق لكم العجماء... " كني بالعجماء ذات البيان عن العبر الواضحة وما حل بقوم فسقوا عن أمر ربهم وعما هو واضح من كمال فضله (عليه السلام) وعن حال الدين ومقتضى أوامر الله تعالى فإن هذه الأمور عجماء لا نطق لها مقالا ذات البيات حالا ولما بينها عليه السلام وعرفهم ما يقوله لسان حالها فكأنه (عليه السلام) أنطقها لهم.
وقيل: العجماء صفة لمحذوف أي الكلمات العجماء والمراد بها ما في هذه الخطبة من الرموز التي لا نطق لها مع أنها ذات بيان عند أولي الألباب.
" عزب " أي بعد ويحتمل الاخبار والدعاء " وأوجس في نفسه خيفة ":
أضمر [...].
" اليوم تواقفنا " أي أنا واقف على سبيل الحق وأنتم على الباطل " ومن وثق بماء " لعل المراد من كان على الحق وأيقن ذلك واعتمد على ربه لا يبالي بما وقع عليه كما أن من وثق بماء لم يفزعه عطشه.