رفضك هداك الله لرشدك، وذاك لأنهم كرهوا الأسوة، وفقدوا الأثرة، ولما آسيت بينهم وبين الأعاجم أنكروا واستشاروا عدوك وعظموه وأظهروا الطلب بدم عثمان فرقة للجماعة وتألفا لأهل الضلالة فرأيك.
فخرج علي عليه السلام فدخل المسجد وصعد المنبر مرتديا بطاق مؤتزرا ببرد قطري متقلدا سيفا متوكئا على قوس فقال:
أما بعد فإنا نحمد الله ربنا وإلهنا وولينا وولي النعم علينا الذي أصبحت نعمه علينا ظاهرة وباطنة امتنانا منه بغير حول منا ولا قوة ليبلونا أنشكر أم نكفر، فمن شكر زاده ومن كفر عذبه، فأفضل الناس عند الله منزلة وأقربهم من الله وسيلة أطوعهم لامره وأعملهم بطاعته وأتبعهم لسنة رسوله وأحياهم لكتابه ليس لأحد عندنا فضل إلا بطاعة الله وطاعة الرسول.
هذا كتاب الله بين أظهرنا وعهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسيرته فينا لا يجهل ذلك إلا جاهل عاند عن الحق منكر قال الله تعالى: * (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) [13 / الحجرات].
ثم صاح بأعلا صوته: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول: فإن توليتم فإن الله لا يحب الكافرين.
ثم قال: يا معشر المهاجرين والأنصار أتمنون على الله ورسوله بإسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للايمان إن كنتم صادقين.
ثم قال: أنا أبو الحسن - وكان يقولها إذا غضب - ثم قال:
ألا إن هذه الدنيا التي أصبحتم تتمنونها وترغبون فيها وأصبحت تغضبكم وترضيكم ليست بداركم ولا منزلكم الذي خلقتم له فلا تغرنكم فقد حذرتموها واستتموا نعم الله عليكم بالصبر لأنفسكم على طاعة الله والذل لحكمه جل ثناؤه.
فأما هذا الفئ فليس لأحد على أحد فيه أثرة فقد فرغ الله من قسمته فهو مال الله وأنتم عباد الله المسلمون وهذا كتاب الله به أقررنا وله أسلمنا وعهد نبينا