بين أظهرنا فمن لم يرض به فليتول كيف شاء فإن العامل بطاعة الله والحاكم بحكم الله لا وحشة عليه.
ثم نزل عن المنبر فصلى ركعتين ثم بعث بعمار بن ياسر وعبد الرحمان بن حسل القرشي (1) إلى طلحة والزبير وهما في ناحية المسجد فأتياهما فدعواهما فقاما حتى جلسا إليه عليه السلام فقال لهما:
نشدتكما الله هل جئتماني طائعين للبيعة ودعوتماني إليها وأنا كاره لها؟
قالا: نعم فقال: غير مجبرين ولا مقسورين فأسلمتما لي بيعتكما وأعطيتماني عهدكما؟ قالا: نعم قال: فما دعاكما بعد إلى ما أرى؟ قالا: أعطيناك بيعتنا على أن لا تقضي في الأمور ولا تقطعها دوننا وأن تستشيرنا في كل أمر ولا تستبد بذلك علينا ولنا من الفضل على غيرنا ما قد علمت فأنت تقسم القسم وتقطع الامر وتمضي الحكم بغير مشاورتنا ولا علمنا!!
فقال: لقد نقمتما يسيرا وأرجأتما كثيرا فاستغفرا الله يغفر لكما ألا تخبرانني أدفعتكما عن حق وجب لكما فظلمتكما إياه؟ قالا: معاذ الله. قال: فهل استأثرت من هذا المال لنفسي بشئ؟ قالا: معاذ الله. قال: أفوقع حكم أو حق لاحد من المسلمين فجهلته أو ضعفت عنه؟ قالا: معاذ الله. قال: فما الذي كرهتما من أمري حتى رأيتما خلافي؟ قالا: خلافك عمر بن الخطاب في القسم إنك جعلت حقنا في القسم كحق غيرنا وسويت بيننا وبين من لا يماثلنا فيما أفاء الله تعالى بأسيافنا ورماحنا وأوجفنا عليه بخيلنا ورجلنا وظهرت عليه دعوتنا وأخذناه قسرا وقهرا ممن لا يرى الاسلام إلا كرها.
فقال عليه السلام: أما ما ذكرتموه من الاستشارة بكما فوالله ما كانت لي في الولاية رغبة ولكنكم دعوتموني إليها وجعلتموني عليها فخفت أن أردكم فتختلف الأمة فلما أفضت إلي نظرت في كتاب الله وسنة رسوله فأمضيت ما