بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٩٥
قال الفتى: قد كنت أحب أن أتعرف هذا الامر من فعلهم، ولكني أجدك مريضا وأنا أكره أن أملك بحديثي ومسئلتي، وقام لينصرف فقال حذيفة: لابل اجلس يا ابن أخي، وتلق مني حديثهم، وإن كربني ذلك، فلا أحسبني إلا مفارقكم إني لا أحب أن تغتر بمنزلتهما في الناس، فهذا ما أقدر عليه من النصيحة لك، ولأمير المؤمنين (عليه السلام) من الطاعة له، ولرسول الله (صلى الله عليه وآله) وذكر منزلته، فقال:
يا أبا عبد الله حدثني بما عندك من أمورهم، لاكون على بصيرة من ذلك فقال حذيفة:
إذا والله لأخبرنك بخبر سمعته ورأيته، ولقد والله دلنا على ذلك من فعلهم على أنهم والله ما آمنوا بالله ولا برسوله طرفة عين.
وأخبرك أن الله تعالى أمر رسوله في سنة عشر من مهاجرته من مكة إلى المدينة أن يحج هو ويحج الناس معه، فأوحى إليه بذلك " وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق " (1) فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) المؤذنين فأذنوا في أهل السافلة والعالية: ألا إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد عزم على الحج في عامه هذا ليفهم الناس حجهم، ويعلمهم مناسكهم، فيكون سنة لهم إلى آخر الدهر، قال فلم يبق أحد ممن دخل في الاسلام إلا حج مع رسل الله (صلى الله عليه وآله) لسنة عشر، ليشهدوا منافع لهم، ويعلمهم حجهم، ويعرفهم مناسكهم، وخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالناس وخرج بنسائه معه، وهي حجة الوداع فلما استتم حجهم وقضوا مناسكهم، وعرف الناس جميع ما يحتاجون إليه، وأعلمهم أنه قد أقام لهم ملة إبراهيم (عليه السلام)، وقد أزال عنهم جميع ما أحدثه المشركون بعده، ورد الحجر [الحج] إلى حالته الأولى.
ودخل مكة فأقام بها يوما واحدا، فهبط جبرئيل (عليه السلام) بأول سورة العنكبوت فقال: يا محمد اقرأ " بسم الله الرحمن الرحيم ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا، وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين، أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون " فقال

(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست