فقمنا وسلمنا، ثم عدنا إلى مواضعنا، قال: ثم أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليهم جميعا فقال اسمعوا وعوا إني أمرتكم أن تسلموا على علي بإمرة المؤمنين، وإن رجالا سألوني " إذ لك عن أمر الله وأمر رسوله " ما كان لمحمد أن يأتي أمرا من تلقاء نفسه، بل بوحي ربه، وأمره، أفرأيتم والذي نفسي بيده لان أبيتم ونقضتموه لتكفرن، ولتفارقن ما بعثني به ربى، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
قال بريدة: فلما خرجنا سمعت بعض أولئك الذين أمروا بالسلام على على بإمرة المؤمنين يقول لصاحبه وقد التفت بهما طائفة من الجفاة البطاء عن الاسلام من قريش، أما رأيت ما صنع محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بابن عمه من علو المنزلة والمكان، و لو يستطيع والله لجعله نبيا من بعده، فقال له صاحبه: أمسك لا يكبرن عليك، هذا [الامر] فلو أنا فقدنا محمدا لكان فعله هذا تحت أقدامنا.
فقال حذيفة: ومضى بريدة إلى بعض طرق الشام ورجع، وقد قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبايع الناس أبا بكر، فأقبل بريدة وقد دخل المسجد وأبو بكر على المنبر وعمر دونه بمرقاة فناداهما من ناحية المسجد: يا أبا بكر ويا عمر، قالا:
ومالك يا بريده أجننت؟ فقال لهما: والله ما جننت، ولكن أين سلامكما بالأمس على علي (عليه السلام) بإمرة المؤمنين؟ فقال له أبو بكر: يا بريدة، الامر يحدث بعده الامر، وإنك غبت وشهدنا، والشاهد يرى ما لا يرى الغايب، فقال لهما:
رأيتما ما لم يره الله ورسوله، ووفى لك صاحبك بقوله: " لو فقدنا محمدا لكان قوله هذا تحت أقدامنا " ألا إن المدينة حرام علي أن أسكنها أبدا حتى أموت، فخرج بريدة بأهله و ولد، فنزل بين قومه بني أسلم فكان يطلع في الوقت دون الوقت، فلما أفضى الامر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) سار إليه، وكان معه حتى قدم العراق، فلما أصيب أمير المؤمنين (عليه السلام) صار إلى خراسان فنزلها، ولبث هناك إلى أن مات برحمة الله تعالى.
قال حذيفة: فهذا نبأ ما سألتني عنه، فقال الفتى: لا جزى الله الذين شهدوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسمعوه يقول: هذا القول في علي خيرا، فقد خانوا الله ورسوله