بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٩٦
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا جبرئيل وما هذه الفتنة؟ فقال: يا محمد إن الله يقرئك السلام ويقول: إني ما أرسلت نبيا قبلك إلا أمرته عند انقضاء أجله أن يستخلف على أمته من بعده من يقوم مقامه، ويحيى لهم سنته وأحكامه، فالمطيعون لله فيما يأمرهم به رسول الله هم الصادقون، والمخالفون على أمره هم الكاذبون، وقد دنا يا محمد مصيرك إلى ربك وجنته، وهو يأمرك أن تنصب لامتك من بعدك علي بن أبي طالب (عليه السلام) وتعهد إليه فهو الخليفة القائم برعيتك وأمتك إن أطاعوه وإن عصوه، وسيفعلون ذلك وهي الفتنة التي تلوت الآي فيها، وإن الله عز وجل يأمرك أن تعلمه جميع ما علمك، وتستحفظه جميع ما حفظك واستودعك، فإنه الأمين المؤتمن يا محمد إني اخترتك من عبادي نبيا، واخترته لك وصيا.
قال: فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) يوما فخلا به يوم ذلك وليلته، واستودعه العلم والحكمة التي آتاه إياها، وعرفه ما قال جبرئيل (عليه السلام)، وكان ذلك في يوم عائشة بنت أبي بكر، فقالت: يا رسول الله لقد طالت استخلاؤك بعلي (عليه السلام) منذ اليوم؟
قال: فأعرض عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت: لم تعرض عنى يا رسول الله بأمر لعله يكون لي صلاحا، فقال: صدقت وأيم الله إنه لأمر صلاح لمن أسعده الله بقبوله والايمان به، وقد أمرت بدعاء الناس جميعا إليه، وستعلمين ذلك إذا أنا قمت به في الناس.
قالت: يا رسول الله ولم لا تخبرني به الان لاتقدم بالعمل به والاخذ بما فيه الصلاح، قال: سأخبرك به فاحفظيه إلى أن اومر بالقيام به في الناس جميعا، فإنك إن حفظتيه حفظك الله في العاجلة والاجلة جميعا، وكانت لك الفضيلة بالسبقة والمسارعة إلى الايمان بالله ورسوله وإن أضعته وتركت رعاية ما القى إليك منه كفرت بربك، وحبط أجرك، وبرئت منك ذمة الله وذمة رسوله، وكنت من الخاسرين، ولن يضر الله ذلك ولا رسوله.
فضمنت له حفظه، والايمان به ورعايته، فقال: إن الله تعالى أخبرني أن عمري قد انقضى، وأمرني أن أنصب عليا للناس علما، وأجعله فيهم إماما، وأستخلفه
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست