المؤمنين حقا حقا " تعريضا بمن كان قبله من الخلفاء أنهم لم يكونوا أمراء المؤمنين حقا، فعرفنا ذلك أيها الأمير رحمك الله ولا تكتمنا، فإنك ممن شهد وعاين ونحن مقلدون ذلك أعناقكم، والله شاهد عليكم فيما تأتون به من النصحية لأمتكم وصدق الخبر عن نبيكم (صلى الله عليه وآله وسلم).
فقال حذيفة: أيها الرجل أما إذا سألت وفحصت هكذا فاسمع وافهم ما أخبرك به أما من تقدم من الخلفاء قبل علي بن أبي طالب (عليه السلام) ممن تسمى أمير المؤمنين فإنهم تسموا بذلك فسماهم الناس بذلك، وأما علي بن أبي طالب (عليه السلام) فان جبرئيل (عليه السلام) سماه بهذا الاسم عن الله تعالى، وشهد له رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن سلام جبرئيل (عليه السلام) له بإمرة المؤمنين، وكان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يدعونه في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله بإمرة المؤمنين.
قال الفتى: خبرنا كيف كان ذلك يرحمك الله؟
قال حذيفة: إن الناس كانوا يدخلون على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل الحجاب إذا شاؤوا فنهاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يدخل أحد إليه وعنده دحية بن خليفة الكلبي وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يراسل قيصرا ملك الروم وبنى حنيفة وملوك بنى غسان على يده، وكان جبرئيل (عليه السلام) يهبط على صورته، ولذلك نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يدخل المسلمون عليه إذا كان عنده دحية.
قال حذيفة: وإني أقبلت يوما لبعض أموري إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) مهجرا رجاء أن ألقاه خاليا، فلما صرت بالباب، فإذا أنا بالشملة قد سدلت على الباب، فرفعتها وهممت بالدخول، وكذلك كنا نصنع، فإذا أنا بدحية قاعد عند رسول الله والنبي نائم ورأسه في حجر دحية فلما رأيته انصرفت فلقيني علي بن أبي طالب (عليه السلام) في بعض الطريق فقال: يا ابن اليمان من أين أقبلت؟ قلت من عند رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: و ماذا صنعت عنده؟ قلت أردت الدخول عليه في كذا وكذا فذكرت الامر الذي جئت له فلم يتهيأ لي ذلك، قال: ولم؟ قلت: كان عنده دحية الكلبي، وسألت عليا (عليه السلام) معونتي على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ذلك، قال: فارجع معي فرجعت معه.