بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٩٧
كما استخلف الأنبياء من قبلي أوصياءهم، واني صاير إلى أمر ربى، وآخذ فيه بأمره، فليكن الامر منك تحت سويداء قلبك إلى أن يأذن الله بالقيام به، فضمنت له ذلك، وقد اطلع الله نبيه على ما يكون منها فيه ومن صاحبتها حفصة وأبويهما فلم تلبث أن أخبرت حفصة وأخبرت كل واحدة منهما أباها فاجتمعا وأرسلا إلى جماعة الطلقاء والمنافقين فخبراهم بالامر، فأقبل بعضهم على بعض وقالوا إن محمدا يريد أن يجعل هذا الامر في أهل بيته كسنة كسرى وقيصر إلى آخر الدهر، ولا والله مالكم في الحياة من حظ إن أفضى هذا الامر إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) وإن محمدا عاملكم على ظاهركم، وإن عليا يعاملكم على ما يجد في نفسه منكم، فأحسنوا النظر لأنفسكم في ذلك، وقدموا رأيكم فيه.
ودار الكلام فيما بينهم وأعادوا الخطاب وأجالوا الرأي فاتفقوا على أن ينفروا بالنبي (صلى الله عليه وآله) ناقته على عقبة هرشى (1) وقد كانوا عملوا مثل ذلك في غزوة تبوك (2) فصرف الله الشر عن نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) فاجتمعوا في أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من القتل والاغتيال وإسقاء السم على غير وجه، وقد كان اجتمع أعداء الله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)

(١) هرشى بالفتح ثم السكون والقصر ثنية في طريق مكة قريبة من الجحفة ترى من البحر، ولها طريقان، فكل من سلك واحدا منها أفضى به إلى موضع واحد.
(٢) حديث قصة العقبة في غزوة تبوك، رواه المؤلف العلامة في ج ٢١ ص ١٨٥ - ٢٥٢، وترى نص أسمائهم ص ٢٢٢ نقلا من كتاب الخصال، وروى القصة عن كتاب دلائل النبوة للبيهقي ص ٢٤٧، وأخرجها الهيتمي في مجمع الزوائد ج ١ ص ١١٠، قال رواه الطبراني في الكبير و ج 6 ص 195 عن أحمد وقال رجاله رجال الصحيح (راجع مسند أحمد ج 5 ص 390 و 453).
وأقول: طرف من هذه القصة مذكور في صحيح مسلم كتاب المنافقين الرقم 11 و أخرجه ابن الأثير في الجامع ج 12 ص 199 وقال بعد ذلك: هؤلاء قوم عرضوا لرسول الله في عقبة صعدها لما قفل من غزوة تبوك، وقد كان أمر مناديا، فنادى لا يطلع العقبة أحد فلما أخذها النبي عرضوا له وهم ملثمون لئلا يعرفوا أرادوا به سوءا، فلم يقدرهم الله تعالى.
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست