بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٨٨
استعن بهم على أعمالك، فان ذلك أعز لك ولوليك، وأكبت لعدوك.
وإني آمرك بتقوى الله وطاعته في السر والعلانية، فاحذر عقابه في المغيب والمشهد، وأتقدم إليك بالاحسان إلى المحسن، والشدة على المعاند، وآمرك بالرفق في أمورك، واللين والعدل في رعيتك، فإنك مسؤول عن ذلك، وإنصاف المظلوم، والعفو عن الناس، وحسن السيرة ما استطعت، فالله يجزي المحسنين وآمرك أن تجبى خراج الأرضين على الحق والنصفة، ولا تتجاوز ما تقدمت به إليك، ولا تدع منه شيئا، ولا تبتدع فيه أمرا، ثم اقسمه بين أهله بالسوية والعدل، واخفض لرعيتك جناحك، وواس بينهم في مجلسك، وليكن القريب والبعيد عندك في الحق سواء، واحكم بين الناس بالحق وأقم فيهم بالقسط، ولا تتبع الهوى و لا تخف في الله لومة لائم، فان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
وقد وجهت إليك كتابا لتقرأه على أهل مملكتك ليعلموا رأينا فيهم وفي جميع المسلمين، فأحضرهم واقرأ عليهم، وخذ البيعة لنا على الصغير والكبير منهم إنشاء الله تعالى.
فلما وصل عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى حذيفة جمع الناس فصلى بهم ثم أمر بالكتاب فقرى عليهم وهو:
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من بلغه كتابي هذا من المسلمين، سلام عليكم فانى أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، وأسأله أن يصلي على محمد وآله، فأما بعد، فان الله تعالى اختار الاسلام دينا لنفسه و ملائكته ورسله وإحكاما لصنعه وحسن تدبيره، ونظرا منه لعباده، وخص منه من أحب من خلقه، فبعث إليهم محمدا (صلى الله عليه وآله) فعلمهم الكتاب والحكمة إكراما وتفضلا لهذه الأمة، وأدبهم لكي يهتدوا، وجمعهم لئلا يتفرقوا، وفقههم لئلا يجوروا فلما قضى ما كان عليه من ذلك مضى إلى رحمة ربه حميدا محمودا.
ثم إن بعض المسلمين أقاموا بعده رجلين رضوا بهديهما وسيرتهما، قاما
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست