بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٥٨
وزبد، فأكل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) من تلك الحريرة، وشرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشربوا من ذلك اللبن، ثم أكل وأكلوا من ذلك التمر والزبد، ثم غسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده وعلى (عليه السلام) يصب عليه الماء.
فلما فرغ من غسل يده مسح وجهه ثم نظر إلى علي وفاطمة والحسن و الحسين (عليهم السلام) نظرا عرفنا فيه السرور في وجهه، ثم رمق بطرفه نحو السماء مليا ثم وجه وجهه نحو القبلة وبسط يديه ودعا، ثم خر ساجدا وهو ينشج، فأطال النشوج وعلا نحيبه، وجرت دموعه، ثم رفع رأسه وأطرق إلى الأرض ودموعه تقطر كأنها صوب المطر، فحزنت فاطمة وعلي والحسن والحسين وحزنت معهم لما رأينا من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهبناه أن نسأله حتى إذا طال ذلك، قال له على وقالت له فاطمة: ما يبكيك يا رسول الله لا أبكى الله عينيك، فقد أقرح قلوبنا ما ترى من حالك؟
فقال: يا أخي سررت بكم سرورا ما سررت مثله قط (1) وإني لأنظر إليكم وأحمد الله على نعمته على فيكم، إذ هبط علي جبرئيل فقال يا محمد إن الله تبارك وتعالى اطلع على ما في نفسك وعرف سرورك بأخيك وابنتك وسبطيك، فأكمل لك النعمة، وهناك العطية بأن جعلهم وذرياتهم ومحبيهم وشيعتهم معك في الجنة لا يفرق بينك وبينهم يحبون كما تحبى، ويعطون كما تعطى، حتى ترضى وفوق الرضا، على بلوى كثيرة تنالهم في الدنيا; ومكاره تصيبهم بأيدي أناس ينتحلون ملتك ويزعمون أنهم من أمتك براء من الله ومنك خبطا خبطا، وقتلا قتلا، شتى مصارعهم، نائية قبورهم، خيرة من الله لهم، ولك فيهم، فاحمد الله عز وجل على خيرته وارض بقضائه، فحمدت الله ورضيت بقضائه بما اختاره لكم.
ثم قال جبرئيل: يا محمد إن أحاك مضطهد بعدك، مغلوب على أمتك، متعوب من أعدائك، ثم مقتول بعدك يقتله أشر الخلق والخليقة، وأشقى البرية، نظير .

(1) راجع ج 45 ص 180 - 181 من طبعتا هذه
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست