بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٥٤
على علي (عليه السلام) فقال: يا أخي إنك ستبقى بعدى، وستلقى من قريش شدة من تظاهرهم عليك وظلمهم لك، فان وجدت عليهم أعوانا فقاتل من خالفك بمن وافقك وإن لم تجد أعوانا فاصبر، وكف يدك، ولا تلق بها إلى التهلكة، فإنك منى بمنزلة هارون من موسى ولك بهارون أسوة حسنة، إذ استضعفه قومه وكادوا يقتلونه فاصبر لظلم قريش إياك، وتظاهر هم عليك، فإنك مني بمنزلة هارون من موسى ومن اتبعه، وهم بمنزلة العجل ومن اتبعه.
يا علي إن الله تبارك وتعالى قد قضى الفرقة والاختلاف على هذه الأمة، ولو شاء لجمعهم على الهدى حتى لا يختلف اثنان من هذه الأمة، ولا ينازع في شئ من أمره، ولا يجحد المفضول ذا الفضل فضله، ولو شاء لعجل النقمة والتغيير حتى يكذب الظالم، ويعلم الحق أين مصيره، ولكنه جعل الدنيا دار الأعمال، وجعل الآخرة دار القرار " ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى " فقال على (عليه السلام): الحمد لله شكرا على نعمائه، وصبرا على بلائه (1).
22 - أقول: وجدت في أصل كتاب الهلالي مثله إلى قوله: " ولك بهارون أسوة حسنة، إذ قال لأخيه موسى: " إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني (2).
قال سليم: وحدثني علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن قال: كنت أمشى مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بعض طرق المدينة، فأتينا على حديقة فقلت: يا رسول الله ما أحسنها من حديقة؟ قال (صلى الله عليه وآله): ما أحسنها ولك في الجنة أحسن منها، ثم أتينا على حديقة أخرى فقلت: يا رسول الله ما أحسنها من حديقة؟ قال: ما أحسنها ولك في الجنة أحسن منها، حتى أتينا على سبع حدائق أقول يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما أحسنها؟ ويقول: لك في الجنة أحسن منها.
فلما خلاله الطريق اعتنقني ثم أجهش باكيا وقال: بأبي الوحيد الشهيد، فقلت: يا رسول الله ما يبكيك؟ فقال ضغاين في صدور أقوام لا يبدونها لك إلا من .

(1) كمال الدين ص 262 - 264.
(2) كتاب سليم 69 - 70. مع أدنى تفاوت
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست