البطحاء يكون علما لأهل الحق، وسببا للمؤمنين إلى الفوز، وتحفه ملائكة من كل سماء مائة ألف ملك في كل يوم وليلة، ويصلون عليه ويسبحون الله عنده و يستغفرون الله لزواره، ويكتبون أسماء من يأتيه زائرا من أمتك متقربا إلى الله وإليك بذلك، وأسماء آبائهم وعشائرهم وبلدانهم، ويسمون في وجوههم بميسم نور عرش الله: " هذا زائر قبر خير الشهداء وابن خير الأنبياء " فإذا كان يوم القيامة سطع في وجوههم من أثر ذلك الميسم نور تغشى منه الابصار، يدل عليهم ويعرفون به.
وكأني بك يا محمد بيني وبين ميكائيل وعلى أمامنا، ومعنا من ملائكة الله مالا يحصى عدده، ونحن نلتقط من ذلك الميسم في وجهه من بين الخلائق، حتى ينجيهم الله من هول ذلك اليوم وشدائده، وذلك حكم الله وعطاؤه لمن زار قبرك يا محمد أو قبر أخيك أو قبر سبطيك، لا يريد به غير الله عز وجل وسيجد أناس حقت عليهم من الله اللعنة والسخط أن يعفوا رسم ذلك القبر ويمحوا أثره، فلا يجعل الله تبارك وتعالى لهم إلى ذلك سبيلا.
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فهذا أبكاني وأحزنني، قالت زينب: فلما ضرب ابن ملجم لعنه الله أبى (عليه السلام) ورأيت أثر الموت منه، قلت له يا أبه حدثتني أم أيمن بكذا وكذا. وقد أحببت أن أسمعه منك، فقال يا بنية الحديث كما حدثتك أم أيمن، وكأني بك وببنات أهلك سبايا بهذا البلد، أذلاء خاشعين، تخافون أن يتخطفكم الناس، فصبرا، فوالذي فلق الحبة وبرء النسمة، ما لله على الأرض يومئذ ولى غيركم وغير محبيكم وشيعتكم.
ولقد قال لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين أخبرنا بهذا الخبر: أن إبليس في ذلك اليوم يطير فرحا، فيجول الأرض كلها في شياطينه وعفاريته، فيقول: يا معشر الشياطين قد أدركنا من ذرية آدم الطلبة، وبلغنا في هلاكهم الغاية، وأورثنا هم السوء إلا من اعتصم بهذه العصابة، فاجعلوا شغلكم بتشكيك الناس فيهم، وحملهم على عداوتهم وإغرائهم بهم وبأوليائهم، حتى تستحكم ضلالة الخلق وكفرهم، ولا