بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٣٣٥
ليقربونا إلى الله زلفى " (1) فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم، فخص الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه، والايمان به، والمواساة له، والصبر معه على شدة أذى قومهم لهم، وتكذيبهم إياه، وكل الناس لهم مخالف، وعليهم زار، فلم يستوحشوا لقلة عددهم، وتشذب الناس عنهم، وإجماع قومهم عليهم.
فهم أول من عبد الله في الأرض، وآمن بالله وبالرسول، وهم أولياؤه و عشيرته وأحق الناس بهذا الامر من بعده، ولا ينازعهم في ذلك إلا ظالم، وأنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلهم في الدين ولا سابقتهم العظيمة في الاسلام، رضيكم الله أنصارا لدينه ورسوله، وجعل إليكم هجرته، وفيكن جلة أزواجه وأصحابه، وليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم فنحن الامراء وأنتم الوزراء لا تفتاتون بمشورة ولا يقضى دونكم الأمور.
فقام المنذر بن الحباب بن الجموح - هكذا روى الطبري (2) والذي رواه غيره أنه الحباب بن المنذر فقال: يا معشر الأنصار املكوا على أيديكم - وساق الحديث نحوا مما رواه ابن أبي الحديد عن الطبري إلى قوله - فقاموا إليه فبايعوه، فانكسر على سعد بن عبادة وعلى الخزرج ما كانوا اجتمعوا له من أمرهم.
ثم قال: قال هشام: قال أبو مخنف: وحدثني أبو بكر بن محمد الخزاعي أن أسلم أقبلت بجماعتها حتى تضايقت بهم السكك ليبايعوا أبا بكر، فكان عمر يقول:
ما هو إلا - أن رأيت أسلم فأيقنت بالنصر (3).

(١) الزمر: ٣.
(٢) في تاريخ الطبري ط دار المعارف بمصر " الحباب المنذر بن الجموح " وحكى اتفاق الطبعات على ذلك، ولعله كانت نسخة السيد علم الهدى مغلوطة في هذا الموضع.
(3) قد مر ص 197 في الذيل وسيجئ في تتميم الباب ص.. أن أسلم أبت أن تبايع الا بعد بيعة بريدة بن الحصيب الأسلمي وهو لم يبايع الا بعد بيعة على (عليه السلام)، وكيف كان فالمراد من كلام عمر هذا غير معلوم، لان أسلم بطن من خزاعة وليسوا بأكثر العرب فرسانا ولا بأشجعهم وأعزهم، وكيف أيقن عمر بالنصر عند بيعتهم ولم يتيقن حينما صفقت الأنصار بالبيعة لهم؟ نعم قد يكون الراوي وهو أبو بكر بن محمد الخزاعي أراد أن يباهى بقومه و يكتسب لهم نوالا بذلك، والله أعلم.
(٣٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 ... » »»
الفهرست