ليقربونا إلى الله زلفى " (1) فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم، فخص الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه، والايمان به، والمواساة له، والصبر معه على شدة أذى قومهم لهم، وتكذيبهم إياه، وكل الناس لهم مخالف، وعليهم زار، فلم يستوحشوا لقلة عددهم، وتشذب الناس عنهم، وإجماع قومهم عليهم.
فهم أول من عبد الله في الأرض، وآمن بالله وبالرسول، وهم أولياؤه و عشيرته وأحق الناس بهذا الامر من بعده، ولا ينازعهم في ذلك إلا ظالم، وأنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلهم في الدين ولا سابقتهم العظيمة في الاسلام، رضيكم الله أنصارا لدينه ورسوله، وجعل إليكم هجرته، وفيكن جلة أزواجه وأصحابه، وليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم فنحن الامراء وأنتم الوزراء لا تفتاتون بمشورة ولا يقضى دونكم الأمور.
فقام المنذر بن الحباب بن الجموح - هكذا روى الطبري (2) والذي رواه غيره أنه الحباب بن المنذر فقال: يا معشر الأنصار املكوا على أيديكم - وساق الحديث نحوا مما رواه ابن أبي الحديد عن الطبري إلى قوله - فقاموا إليه فبايعوه، فانكسر على سعد بن عبادة وعلى الخزرج ما كانوا اجتمعوا له من أمرهم.
ثم قال: قال هشام: قال أبو مخنف: وحدثني أبو بكر بن محمد الخزاعي أن أسلم أقبلت بجماعتها حتى تضايقت بهم السكك ليبايعوا أبا بكر، فكان عمر يقول:
ما هو إلا - أن رأيت أسلم فأيقنت بالنصر (3).