فلما بسط يده وذهبا يبايعانه، سبقهما إليه بشير بن سعد فبايعه.
فناداه الحباب بن المنذر يا بشير عقتك عقاق، والله ما اضطرك إلى هذا إلا الحسد لابن عمك، فلما رأت الأوس أن رئيسا من رؤساء الخزرج قد بايع، قام أسيد بن حضير وهو رئيس الأوس فبايع حسدا لسعد أيضا، ومنافسة له أن يلي الامر فبايعت الأوس كلها لما بايع أسيد.
وحمل سعد بن عبادة وهو مريض فادخل إلى منزله، فامتنع من البيعة في ذلك اليوم، وفيما بعده، وأراد عمر أن يكرهه عليه فأشير عليه أن لا يفعل، وأنه لا يبايع حتى يقتل، وإنه لا يقتل حتى يقتل أهله، ولا يقتل أهله حتى يقتل الخزرج كلها وإن حوربت الخزرج كانت الأوس معها، وفسد الامر، فتركوه، فكان لا يصلي بصلاتهم، ولا يجمع بجماعتهم، ولا يقضي بقضائهم، ولو وجد أعوانا لضاربهم، و لم يزل كذلك حتى مات أبو بكر ثم لقي عمر في خلافته وهو على فرس وعمر على بعير، فقال له عمر: هيهات يا سعد فقال سعد: هيهات يا عمر، فقال أنت صاحب من أنت صاحبه، قال: نعم، أنا ذاك، ثم قال لعمر: والله ما جاورني أحد هو أبغض إلى جوارا منك، قال عمر: فإنه من كره جوار رجل انتقل عنه، فقال سعد:
إني لأرجو أن أخليها لك عاجلا إلى جوار من هو أحب إلى جوارا منك ومن أصحابك فلم يلبث سعد بعد ذلك إلا قليلا حتى خرج إلى الشام، فمات فيها (1)