بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٣٠٨
الاعراب والمؤلفة قلوبهم، وتابعهم على ذلك غيرهم واتصل الخبر بأمير المؤمنين (عليه السلام) بعد فراغه من غسل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و تحنيطه وتكفينه وتجهيزه ودفنه، بعد الصلاة عليه من حضر من بني هاشم، وقوم من صحابته، مثل سلمان وأبي ذر والمقداد وعمار وحذيفة وأبي بن كعب وجماعة نحو أربعين رجلا، فقام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن كانت الإمامة في قريش فأنا أحق قريش بها، وإن لا تكن في قريش فالأنصار على دعواهم (1) ثم اعتزلهم ودخل بيته، فأقام فيهم ومن اتبعه من المسلمين، وقال:
إن لي في خمسة من النبيين أسوة: نوح إذ قال: " إني مغلوب فانتصر " وإبراهيم إذ قال " وأعتزلكم وما تدعون من دون الله " ولوط إذ قال " لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد " وموسى إذ قال " ففررت منكم لما خفتكم " وهارون إذ قال: " إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني " ثم ألف (عليه السلام) القرآن، وخرج إلى الناس وقد حمله في إزار معه، وهو يئط من تحته، فقال لهم: هذا كتاب الله قد ألفته كما أمرني وأوصاني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما انزل، فقال له بعضهم: اتركه وامض فقال لهم: إن رسول الله قال لكم: إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي لن يفترقا حتى يردا على الحوض، فان قبلتموه فاقبلوني معه، أحكم بينكم بما فيه من أحكام الله، فقالوا لا حاجة لنا فيه ولا فيك، فانصرف به معك لا تفارقه، فانصرف عنهم (2) فأقام أمير المؤمنين (عليه السلام) ومن معه من شيعته في منازلهم، بما عهده إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فوجهوا إلى منزله فهجموا عليه وأحرقوا بابه، و استخرجوه منه كرها، وضغطوا سيدة النساء بالباب، حتى أسقطت محسنا، وأخذوه

(١) ومن ذلك قوله (عليه السلام) في النهج تحت الرقم ٢٨ من قسم الرسائل:... ولما احتج المهاجرون على الأنصار يوم السقيفة برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلجوا عليهم، فان يكن الفلج به فالحق لنا دونكم، وان يكن بغيره فالأنصار على دعواهم.
(1) راجع شرح ذلك ص 205 و 264
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»
الفهرست