بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٣١٨
فاطمة خلفه تصرخ وتنادي بالويل والثبور، وابناه حسن وحسين (عليهما السلام) معهما يبكيان (1) وإن عليا (عليه السلام) لما أحضر سألوه البيعة فامتنع فهدد بالقتل، فقال

(١) هذا الذي ينكره الشارح الحميدي ذكره ابن قتيبة في الإمامة والسياسة ١ / ٢٠، وسيأتي نصه تحت الرقم ٥٦ وذكره البلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٥٨٧ باسناده عن ابن عباس قال: بعث أبو بكر عمر بن الخطاب إلى علي حين قعد عن بيعته وقال: ائتني به بأعنف العنف فلما أتى به جرى بينهما كلام فقال: أحلب حلبا لك شطره، والله ما حرصك على امارته اليوم الا ليؤثرك غدا، وقد ذكر نحوا من ذلك نفسه نقلا عن الجوهري الثقة المأمون في شرح النهج ٢ / ١٩ ويأتي نصه بعد أسطر في المتن تحت الرقم ٥١ وفيه " أن عمر دفع عليا كما دفع الزبير وساقه سوقا عنيفا واجتمع الناس ينظرون " و " أنه أخذ بتلابيبهم يساقون سوقا عنيفا " وذكر في ٣ / ٥٤٦ - ٤٥٧ شرحا لكلامه (عليه السلام) في كتاب كتبه جوابا لمعاوية:
" وقلت انى كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتى أبايع، ولعمر الله لقد أردت أن تذم فمدحت وأن تفضح فافتضحت، وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوما ما لم يكن شاكا في دينه ولا مر تابا بيقينه، وهذه حجتي، إلى غيرك قصدها ولكني أطلقت لك منها بقدر ما سنح من ذكرها ".
فنقل عن شيخه النقيب أبى جعفر يحيى بن أبي زيد، أن كتابه (عليه السلام) هذا جواب عن كتاب أرسله معاوية مع أبي أمامة الباهلي، ولفظه " وما من هؤلاء - يعنى الخلفاء الثلاث - الا من بغيت عليه وتلكأت في بيعته حتى حملت إليه قهرا تساق بحرائم الاقتسار كما يساق الفحل (الجمل) المخشوش... " وهذا الذي ذكره النقيب رواه في العقد الفريد ٢ / ٢٨٥، صبح الأعشى ١ / ٢٢٨ أفليس كلام معاوية هذا يصرح بأنهم جعلوا في عنقه حبلا يقاد به؟
والا فما معنى الاقتسار بالحزائم؟
وأما التهديد بالقتل وانكارهم مؤاخاته مع الرسول الأكرم، فقد مر نصوص في ذلك وسيجئ نصوص أخر عن قريب وناهيك ما رواه الشارح نفسه في ٢ / ١٨ عن أبي بكر الجوهري الثقة المأمون عنده باسناده عن ليث بن سعد قال: تخلف على عن بيعة أبى بكر، فأخرج ملببا يمضى به ركضا وهو يقول: معاشر المسلمين! علام تضرب عنق رجل من المسلمين لم يتخلف لخلاف وإنما تخلف لحاجة، فما مر بمجلس من المجالس الا يقال له: انطلق فبايع ".
أفترى أنهم أرادوا قتله لأجل تخلفه في البيت - كما يذكره الراوي تقية - ليجمع القرآن الكريم بوصية من رسول الله؟ ان شئت فقل هذا، فان القوم لا حريجة لهم في الدين ولقد تحقق فيهم ما قال النبي الأعظم: " ان أهل بيتي سيلقون بعدى بلاء وتشريدا وتطريدا وقتلا " (سنن ابن ماجة كتاب الفتن الباب ٣٤ تحت الرقم ٤٠٨٢، مجمع الزوائد ٩ / ١٩٤ مستدرك الحاكم ٤ / ٤٦٤ و ٤٨١) وحققوا قوله ص " انكم ستجرصون على الامارة، وانها ستكون ندامته يوم القيامة، فنعم المرضعة وبئست الفاطمة " رواه البخاري في كتاب الأحكام الباب ٧ (ج ٩ / ٧٩) النسائي في كتاب البيعة الرقم ٣٩ كتاب القضاة ٥٦، وابن حنبل في مسنده ٢ / ٤٤٨ مع تحريف، وأخرجه المتقى في منتخب كنز العمال ٢ / 135 عن البخاري والنسائي، وذكره في مبارق الأزهار شرح المشارق للصغاني ونقل عن الطيبي أنه إنما لم تلحق التاء بنعم وألحقت ببئس إشارة إلى أن ما يناله الأمير في الآخرة من البأساء داهية بالنسبة إلى ما ناله في الدنيا من النعماء.
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 321 322 323 324 ... » »»
الفهرست