بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٣٠٤
بكر بالويل والثبور، وجزع جزعا شديدا، فقال عمر: تجزع يا خليفة رسول الله من قول امرأة؟.
قال: فبقيت فاطمة (عليها السلام) بعد وفات أبيها رسول الله أربعين ليلة، فلما اشتد بها الامر دعت عليا (عليه السلام) وقالت يا ابن عم ما أراني إلا لما بي، وأنا أوصيك أن تتزوج أمامة بنت أختي زينب، تكون لولدي مثلي، واتخذ لي نعشا فاني رأيت الملائكة يصفونه لي (1)، وأن لا تشهد أحدا من أعداء الله جنازتي ولا دفني ولا الصلاة علي.
قال ابن عباس وهو قول أمير المؤمنين (عليه السلام): " أشياء لم أجد إلى تركهن سبيلا لان القرآن بها انزل على قلب محمد (صلى الله عليه وآله): قتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين، الذي أوصاني وعهد إلى خليلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقتالهم، وتزويج أمامة بنت زينب أوصتني بها فاطمة (عليها السلام).
قال ابن عباس: فقبضت فاطمة (عليها السلام) من يومها فارتجت المدينة بالبكاء من الرجال والنساء، ودهش الناس كيوم قبض فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأقبل أبو بكر و مر يعزيان عليا (عليه السلام) ويقولان له: يا أبا الحسن: لا تسبقنا بالصلاة على ابنة رسول الله، فلما كان في الليل دعا علي العباس والفضل والمقداد وسلمان وأبا ذر و عمارا فقدم العباس فصلى عليها ودفنوها، فلما أصبح الناس، أقبل أبو بكر وعمر والناس يريدون الصلاة على فاطمة (عليها السلام) فقال المقداد: قد دفنا فاطمة البارحة

(1) هذا سهو من الراوي، فان أول من جعل لها نعشا هي زينب بنت جحش الأسدية وهي أول من مات من أزواجه (صلى الله عليه وآله وسلم) بعده، توفيت في خلافه عمر، سنة عشرين فجعلت لها أسماء بنت عميس نعشا وكانت بأرض الحبشة رأتهم يصنعون ذلك، ذكره الطبرسي في إعلام الورى 149، ابن سعد في الطبقات 8 / 79، وأما فاطمة بضعة الرسول الأعظم فقد دفنت ليلا في بيتها ولم تكن لتحتاج إلى نعش.
ولأي الأمور تدفن ليلا * بضعة المصطفى ويعفى ثراها
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»
الفهرست