إذا كنت لا تقوم بحجج قريش لم أقمت نفسك هذا المقام؟ والله لقد هممت أن أخلعك وأجعلها في سالم مولى أبي حذيفة، قال: فنزل ثم أخذ بيده وانطلق إلى منزله وبقوا ثلاثة أيام لا يدخلون مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما كان في اليوم الرابع جاءهم خالد بن الوليد ومعه ألف رجل، وقال لهم: ما جلوسكم فقد طمع فيها والله بنو هاشم، وجاءهم سالم مولى أبى حذيفة ومعه ألف رجل، وجاءهم معاذ بن جبل ومعه ألف رجل فما زال يجتمع رجل رجل حتى اجتمع أربعة آلاف فخرجوا شاهرين أسيافهم يقدمهم عمر بن الخطاب حتى وقفوا بمسجد النبي (صلى الله عليه وآله) فقال عمر:
والله يا صحابة على لئن ذهب الرجل منكم يتكلم بالذي تكلم به بالأمس لنأخذن الذي فيه عيناه.
فقام إليه خالد بن سعيد بن العاص وقال: يا ابن صهاك الحبشية أبأسيافكم تهددونا، أم بجمعكم تفزعونا؟ والله إن أسيافنا أحد من أسيافكم، وإنا لأكثر منكم، وإن كنا قليلين، لان حجة الله فينا، والله لولا أني أعلم أن طاعة إمامي أولى بي لشهرت سيفي، ولجاهدتكم في الله إلى أن ابلى عذري، فقاله له أمير المؤمنين اجلس يا خالد، فقد عرف الله مقامك، وشكر لك سعيك فجلس.
وقام إليه سلمان الفارسي وقال: الله أكبر الله أكبر، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإلا صمتا يقول: بينا أخي وابن عمى جالس في مسجدي مع نفر من أصحابه إذ يكبسه جماعة من كلاب أهل النار، يريدون قتله وقتل من معه، ولست أشك ألا وإنكم هم، فهم به عمر بن الخطاب فوثب إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) وأخذ بمجامع ثوبه ثم جلد به الأرض، ثم قال يا ابن صهاك الحبشية، لولا كتاب من الله سبق وعهد من رسول الله (صلى الله عليه وآله) تقدم لأريتك أينا أضعف ناصرا وأقل عددا ثم التفت إلى أصحابه فقال انصرفوا رحمكم الله، فوالله لا دخلت المسجد إلا كما دخل أخواي موسى وهارون إذ قال له أصحاب اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هيهنا قاعدون، والله