بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٩٥
وإلى من تفزع إذا سئلت عما لا تعلمه، وما عذرك في تقدم من هو أعلم منك و أقرب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله): وأعلم بتأويل كتاب الله عز وجل، وسنة نبيه، ومن قدمه النبي (صلى الله عليه وآله) في حياته، وأوصاكم به عند وفاته، فنبذتم قوله، وتناسيتم وصيته، وأخلفتم الوعد، ونقضتم العهد، وحللتم العقد الذي كان عقده عليكم من النفوذ تحت راية أسامة بن زيد، حذرا من مثل ما أتيتموه، وتنبيها للأمة على عظيم ما اجترحتموه من مخالفة أمره، فعن قليل يصفو لك الامر وقد أثقلك الوزر ونقلت إلى قبرك، وحملت معك ما اكتسبت يداك، فلو راجعت الحق من قرب و تلافيت نفسك، وتبت إلى الله من عظيم ما اجترمت، كان ذلك أقرب إلى نجاتك يوم تفرد في حفرتك ويسلمك ذوو نصرتك، فقد سمعت كما سمعنا، ورأيت كما رأينا، فلم يردعك ذلك عما أنت متشبث به من هذا الامر الذي لا عذر لك في تقلده ولاحظ للدين والمسلمين في قيامك به، فالله الله في نفسك، فقد أعذر من أنذر، و لا تكن كمن أدبر واستكبر.
3 - ثم قام أبو ذر فقال: يا معاشر قريش أصبتم قباحة وتركتم قرابة، والله لترتدن جماعة من العرب (1) ولتشكن في هذا الدين، ولو جعلتم الامر في أهل بيت نبيكم ما اختلف عليكم سيفان، والله لقد صارت لمن غلب ولتطمحن

(1) وقد صدق التاريخ كلام أبي ذر هذا حيث ارتد العرب بعد ما سمعت من أن أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ابتزوا سلطانه من مقره، فطمعوا أن يكون لهم أيضا في ذلك نصيب، فطغوا على الخليفة أبى بكر واشتهرت طغيانهم هذا بعنوان الردة، نعم كانت ردة ولكن على من؟ على الله ورسوله؟ أو على الخليفة من بعده، سيجئ تمام الكلام في أبواب المطاعن عند خلاف بنى تميم وقتل مالك بن نويرة انشاء الله تعالى.
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست