وأي دليل دل على عدم شعورهم وإدراكهم للكليات وعدم تكلمهم ونطقهم؟
فانا كثيرا ما نسمع كلام بعض الناس وغيرهم ممن لا نفهم لغاتهم بوجه، فنظن أن كلامهم كأصوات الطيور لا نميز بين كلماتهم ونتعجب من فهم بعضهم كلام بعض والأخبار الدالة على أن لها تسبيحا وذكرا وأنها تعرف خالقهم ومصالحهم ومفاسدهم أكثر من أن تحصى ولا استبعاد في كونها مكلفة ببعض التكاليف وتعذب في الدنيا بتركها كما ورد في الأخبار الكثيرة أنه لا يصاد طير إلا بتركها التسبيح، أو في الآخرة أيضا كما روي في تأويل قوله تعالى: ﴿وإذا الوحوش حشرت﴾ (1) وإن لم يكن تكليفها عاما وعقابها أبديا لضعف إدراكها.
ولو سلم أن لا نطق ولا كلام لهم فيمكن أن يقدرها الله على ذلك في بعض الأحيان لاظهار معجزة النبي والامام صلوات الله عليهم. وبالجملة رد ما ورد عن أرباب العصمة صلوات الله عليهم أو تأويلها من غير برهان قاطع اجتراء على الله ورسوله وحججه عليهم السلام وسيأتي بعض القول في ذلك في الباب الآتي وتفصيله وتحقيقه في كتاب السماء والعالم.
وأما ما ذكره السيد الشريف المرتضى قدس الله روحه في كتاب الغرر والدرر حيث سأله سائل فقال: ما القول في الأخبار الواردة في عدة كتب من الأصول والفروع بمدح أجناس من الطير والبهائم والمأكولات والأرضين وذم أجناس منها، كمدح الحمام والبلبل والقنبر والحجل (2) والدراج وما شاكل ذلك من فصيحات الطير والبهائم والمأكولات والأرضين وذم الفواخت والرخم (3)، وما يحكى من أن كل جنس من هذه الأجناس المحمودة تنطق بثناء على الله تعالى وعلى أوليائه ودعاء لهم ودعاء على أعدائهم، وأن كل جنس من هذه الأجناس المذمومة تنطق بضد ذلك من ذم الأولياء عليهم السلام وكذا