منزلة، وقال: كيف تجدك يا حارث (1)؟ قال: نال الدهر (2) مني، وزادني أودا وغليلا (3) اختصام أصحابك ببابك، قال: فيم؟ قال: في شأنك والبلية من قبلك، فمن مفرط غال ومبغض قال ومن تردد مرتاب، فلا يدري أيقدم أم يحجم.
قال: فحسبك يا أخا همدان، ألا إن خير شيعتي النمط الأوسط إليهم يرجع الغالي وبهم يحلق التالي، قال: لو كشفت فداك أبي وأمي الريب عن قلوبنا وجعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا، قال: فذكر فإنك امرء ملبوس عليك، إن دين الله لا يعرف بالرجل بل بآية الحق، والآية العلامة، فاعرف الحق تعرف أهله.
يا حارث (4) إن الحق أحسن الحديث والصادع به مجاهد، وبالحق أخبرك فارعني سمعك ثم خبر به من كانت له خصاصة من أصحابك، ألا إني عبد الله وأخو رسوله وصديقه الأول صدقته وآدم بين الروح والجسد، ثم إني صديقه الأول في أمتكم حقا فنحن الأولون ونحن الآخرون، ألا وأنا خاصته يا حار وخالصته وصفوته ووصيه ووليه وصاحب نجواه وسره، أوتيت فهم الكتاب وفصل الخطاب وعلم القرآن (5) والأسباب، واستودعت ألف مفتاح يفتح كل مفتاح ألف باب (6)، يفضي (7) كل باب إلى ألف ألف عهد، وأيدت - أو قال: امددت - بليلة القدر نفلا وإن ذلك ليجري لي ولمن استحفظ من ذريتي ما جرى الليل والنهار حتى يرث الله الأرض ومن عليها.