حرام: يا أهل بئر معونة، إني رسول رسول الله إليكم، وأني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، فآمنوا بالله ورسوله، فخرج إليه رجل من كسر (1) البيت برمح فضرب به في جنبه حتى خرج من الشق الآخر، فقال: الله أكبر فزت ورب الكعبة، ثم استصرخ عامر بن الطفيل بني عامر على المسلمين فأبوا أن يجيبوه إلى ما دعاهم إليه، وقالوا: لن نخفر أبا براء، وقد عقد لهم عقدا وجوارا، فاستصرخ عليهم قبائل من بني سليم: عصية ورعلا وذكوان (2)، فأجابوه إلى ذلك فخرجوا حتى غشوا القوم فأحاطوا بهم في رحالهم، فلما رأوهم أخذوا السيوف فقاتلوهم حتى قتلوا عن آخرهم إلا كعب بن زيد فإنهم تركوه وبه رمق فارتث من بين القتلى فعاش حتى قتل يوم الخندق، وكان في سرح القوم عمرو بن أمية الضمري (3) و رجل من الأنصار أحد بني عمرو بن عوف (4)، فلم ينبئهما (5) بمصاب أصحابهما إلا الطير، تحوم حول العسكر، فقالوا: والله إن لهذا الطير لشأنا، فأقبلا لينظرا إليه فإذا القوم في دمائهم، وإذا الخيل التي أصابتهم واقفة، فقال الأنصاري لعمرو بن أمية: ماذا ترى؟ فقال: أرى أن نلحق برسول الله صلى الله عليه وآله فنخبره الخبر، فقال الأنصاري: لكني ما كنت لأرغب بنفسي عن موطن قتل فيه المنذر بن عمرو، ثم قاتل القوم حتى قتل، وأخذوا عمرو بن أمية أسيرا، فلما أخبرهم أنه من مضر أطلقه عامر بن الطفيل، وجز ناصيته، وأعتقه عن رقبة زعم أنها كانت على أبيه (6) فقدم عمرو بن أمية على رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبره الخبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
(١٤٨)