جحر مرتين " وأمر به فقتله، وأما معاوية وهو الذي جدع أنف حمزة ومثل به، مع من مثل به وكان قد أخطأ الطريق، فلما أصبح أتى دار عثمان بن عفان، فلما رآه قال له عثمان أهلكتني وأهلكت نفسك، فقال: أنت أقربهم مني رحما وقد جئتك لتجيرني، فأدخله عثمان داره وصيره في ناحية منها ثم خرج إلى النبي صلى الله عليه وآله ليأخذ له منه أمانا فسمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن معاوية في المدينة وقد أصبح بها فاطلبوه، فقال بعضهم: ما كان ليعدو منزل عثمان فاطلبوه، فدخلوا منزل عثمان فأشارت أم كلثوم إلى الموضع الذي صيره فيه، فاستخرجوا من تحت حمارة لهم، فانطلقوا به إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال عثمان حين رآه: والذي بعثك بالحق ما جئت إلا لأطلب له الأمان فهبه لي، فوهبه له، وأجله ثلاثة أيام، و أقسم لئن وجد بعدها يمشي في أرض المدينة وما حولها ليقتلنه فخرج عثمان فجهزه واشترى له بعيرا ثم قال له: ارتحل، وسار رسول الله صلى الله عليه وآله إلى حمراء الأسد، وأقام معاوية إلى اليوم الثالث ليعرف أخبار النبي صلى الله عليه وآله ويأتي بها قريشا، فلما كان في اليوم الرابع قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن معاوية أصبح قريبا لم يبعد فاطلبوه، فأصابوه وقد أخطأ الطريق فأدركوه، وكان اللذان أسرعا في طلبه زيد بن حارثة وعمار بن ياسر، فوجداه بالحماء فضربه زيد بالسيف، فقال عمار: إن لي فيه حقا، فرماه بسهم فقتلاه، ثم انصرفا إلى المدينة بخبره.
وروى هذا الخبر ابن أبي الحديد أيضا، وأكثر اللفظ له، ثم قال: ويقال:
إنه أدرك على ثمانية أميال من المدينة، فلم يزل زيد وعمار يرميانه بالنبل حتى مات وهذا كان جد عبد الملك بن مروان لامه انتهى (1).
أقول: هذه القصة كانت سبب قتل عثمان ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله، كما سيأتي شرحه إن شاء الله في مثالبه، وباب أحوال أولاد رسول الله صلى الله عليه وآله وغيرهما.