بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ١٥٢
سهم رجلا من عظماء المشركين ثم قال: " اللهم إني حميت دينك صدر النهار فارحم لحمي آخر النهار " ثم أحاط به المشركون فقتلوه وأرادوا رأس عاصم ليبيعوه من سلافة بنت سعد، وكانت نذرت أن تشرب في قحفه الخمر لأنه قتل ابنيها يوم أحد فحمته الدبر: فقالوا: امهلوه حتى يمسي فتذهب عنه، فبعث الله الوادي فاحتمله، فسمي حمى الدبر، وخرجوا بالنفر الثلاثة حتى إذا كانوا بمر الظهران انتزع عبد الله بن طارق يده منهم وأخذ سيفه، واستأخر عنه القوم فرموه بالحجارة حتى قتلوه، فقبر بمر الظهران، وقدموا بخبيب وزيد مكة فابتاع حجير بن أبي أهاب خبيبا لابن أخته عقبة بن الحارث ليقتله بأبيه، وابتاع صفوان بن أمية زيدا ليقتله بأبيه فحبسوهما حتى خرجت الأشهر الحرم، ثم أخرجوهما إلى التنعيم فقتلوهما، و قال قائل لزيد عند قتله: أتحب أنك الآن في أهلك وأن محمدا مكانك؟ فقال:
والله ما أحب أن محمدا يشاك بشوكة وإني جالس في أهلي، فقال أبو سفيان: والله ما رأيت من قوم قط أشد حبا لصاحبهم من أصحاب محمد.
وبإسناده عن أبي هريرة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله عشرة عينا وأمر عليهم عاصم بن ثابت حتى إذا كانوا بالهدة بين عسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل يقال لهم: بنو لحيان، فنفروا إليهم بقريب من مائة رجل رام فاقتصوا آثارهم، فلما أحس بهم عاصم وأصحابه لجاؤوا إلى موضع فأحاط بهم القوم فقالوا لهم: أنزلوا فأعطوا بأيديكم ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحدا، فقال عاصم: أيها القوم أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك فرموهم بالنبل فقتلوا عاصما، فنزل منهم ثلاثة على العهد منهم خبيب وزيد بن الدثنة ورجل آخر، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها، قال الرجل الثالث: هذا والله أول الغدر والله لا أصحبكم إن لي بهؤلاء أسوة، يريد القتلى، فجروه وعالجوه فأبى أن يصحبهم فقتلوه، وانطلقوا بخبيب وزيد حتى باعوهما بمكة، بعد وقعة بدر، فلبث خبيب عندهم أسيرا حتى أجمعوا على قتله، فاستعار من بعض بنات (1) الحارث موسى

(1) ذكر اسمها في الامتاع قال: ماوية مولاة بنى عبد مناف.
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست