بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٢٠
النصر إلا من عند الله " أي أعطاكم الله هذا النصر ليقطع طائفة من الذين كفروا بالقتل والأسر، وقيل: هو متصل بقوله: " ولقد نصركم الله ببدر " وقيل: معناه ذلك التدبير " ليقطع طرفا " أي قطعة منهم. والمعنى ليهلك طائفة منهم، وقيل: ليهدم ركنا من أركان الشرك بالأسر والقتل، فأما اليوم الذي وقع فيه ذلك فيوم بدر (1) وقيل: هو يوم أحد، قتل فيه ثمانية عشر رجلا " أو يكبتهم " أي يخزيهم بالخيبة مما أملوا من الظفر بكم، وقيل: يردهم عنكم منهزمين، وقيل: يصرعهم على وجوههم، وقيل: يظفركم عليهم، وقيل: يلعنهم، وقيل: يهلكهم " فينقلبوا خائبين " لم ينالوا مما أملوا شيئا " ليس لك من الامر شئ " قيل: هو متصل بقوله: " وما النصر إلا من عند الله " أي ليس لك ولا لغيرك من هذا النصر شئ، وقيل: إنه اعتراض بين الكلامين، وقوله: " أو يتوب عليهم " متصل بقوله: " ليقطع طرفا " فالتقدير ليقطع طرفا منهم أو يكبتهم أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم قد استحقوا العقاب، وليس لك من هذه الأربعة شئ، وذلك إلى الله تعالى.
واختلف في سبب نزوله، فروي عن أنس بن مالك وابن عباس والحسن و قتادة والربيع أنه لما كان من المشركين يوم أحد من كسر رباعية الرسول صلى الله عليه وآله وشجه حتى جرت الدماء على وجهه، فقال: " كيف تفلح قوم نالوا هذا من نبيهم " وهو مع ذلك حريص على دعائهم إلى ربهم؟ فأعلمه الله سبحانه أنه ليس إليه فلاحهم، وأنه ليس إليه إلا أن يبلغ الرسالة، ويجاهد حتى يظهر الدين، وإنما ذلك إلى الله، وكان الذي كسر رباعيته وشجه في وجهه عتبة بن أبي وقاص، فدعا عليه بأن لا يحول عليه الحول حتى يموت كافرا، فمات كافرا قبل حول الحول (2) وأدمى وجهه رجل من هذيل يقال له: عبد الله بن قميئة، فدعا عليه فكان حتفه أن سلط الله عليه تيسا فنطحه حتى قتله، وروي أنه صلى الله عليه وآله كان يمسح الدم عن وجهه و

(1) فيه اختصار، وهو في المصدر هكذا: واما اليوم الذي قطع الله فيه الطرف من الذين كفروا فيوم بدر قتل فيه صناديدهم ورؤساءهم وقادتهم إلى الكفر.
(2) في المصدر: قبل أن يحول الحول.
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»
الفهرست