بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ١٣٣
وأذب عن رسول الله صلى الله عليه وآله بالسيف، وأرمي بالقوس حتى خلصت إلي الجراح فرأيت على عاتقها جرحا أجوف له غور فقلت: يا أم عمارة من أصابك بهذا؟ قالت:
أقبل ابن قميئة وقد ولى الناس عن رسول الله يصيح دلوني على محمد، لا نجوت إن نجا، فاعترض له مصعب بن عمير وناس معه فكنت فيهم فضربني هذه الضربة، ولقد ضربته على ذاك ضربات، ولكن عدو الله كان عليه درعان، فقلت لها: يدك ما أصابها؟
قال: أصيبت يوم اليمامة، لما جعلت الاعراب تهزم بالناس نادت الأنصار: اخلصونا، فأخلصت الأنصار، فكنت معهم حتى انتهينا إلى حديقة الموت فاقتتلنا عليها ساعة حتى قتل أبو دجانة على باب الحديقة ودخلتها، وأنا أريد عدو الله مسيلمة فتعرض لي رجل فضرب يدي فقطعها، فوالله ما كانت لي ناهية، ولا عرجت عليها حتى وقفت على الخبيث مقتولا، وابني عبد الله بن زيد يمسح سيفه بثيابه، فقلت: أقتلته؟
قال: نعم، فسجدت شكرا لله عز وجل وانصرفت.
قال: وكان ضمرة بن سعيد يحدث عن آبائه، عن جدته وكانت قد شهدت أحدا تسقي الماء قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول يومئذ: " لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان " وكان يراها يومئذ تقاتل أشد القتال حتى جرحت ثلاثة عشر جرحا.
قال ابن أبي الحديد: قلت: ليت الراوي لم يكن هذه الكناية وكان يذكر من هما بأسمائهما حتى لا يترامى الظنون إلى أمور مشتبهة ومن أمانة الحديث (1) أن يذكر الحديث على وجهه ولا يكتم منه شيئا، فما باله كتم اسم هذين الرجلين (2)؟!
أقول: إن الراوي لعله كان معذورا في التكنية باسم الرجلين تقية، وكيف كان يمكنه التصريح باسم صنمي قريش وشيخي المخالفين الذين كانوا يقدمونهما على أمير المؤمنين عليه السلام؟ مع أن كنايته أبلغ من الصريح، إذ ظاهر أن الناس كانوا

(١) في المصدر: وكان يذكرهما باسمهما حتى لا تترامى الظنون إلى أمور مشتبهة، ومن أمانة المحدث اه‍.
(٢) شرح نهج البلاغة ٣: ٣٧٤ - 377.
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست