بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ١٣٤
لا يبالون بذكر أحد من الصحابة بما كان واقعا إلا بذكرهما وذكر ثالثهما، وأما سائر بني أمية وأجداد سائر خلفاء الجور فلم يكونوا حاضرين في هذا المشهد في عسكر المسلمين حتى يكنى بذكرهم تقية من أولادهم وأتباعهم، وقد تقدم في رواية علي بن إبراهيم ذكر الثالث أيضا معهما، وذكره كان أولى، لان فراره كان اعرض وسيأتي القول في ذلك.
رجعنا إلى كلام ابن أبي الحديد:
قال: روى الواقدي بإسناده عن عبد الله بن زيد قال: شهدت أحدا مع رسول الله صلى الله عليه وآله فلما تفرق الناس عنه دنوت منه وأمي تذب عنه، فقال: ابن أم عمارة؟
قلت: نعم، قال: ارم، فرميت بين يديه رجلا من المشركين بحجر وهو على فرس فأصيب عين الفرس فاضطرب الفرس حتى وقع هو وصاحبه، وجعلت أعلوه بالحجارة حتى نضدت عليه منها وقرا (1)، والنبي صلى الله عليه وآله ينظر إلي ويتبسم، فنظر إلى جرح بأمي على عاتقها، فقال: " أمك أمك أعصب جرحها، بارك الله عليكم من أهل بيت، لمقام أمك، خير من مقام فلان وفلان، ومقام ربيبك - يعني زوج أمه - خير من مقام فلان وفلان، ومقامك خير من مقام فلان وفلان، رحمكم الله أهل البيت " فقالت أمي: ادع الله لنا يا رسول الله أن نرافقك في الجنة، فقال: " اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة " قالت: فما أبالي ما أصابني من الدنيا، قال الواقدي: وأقبل وهب بن قابوس المزني ومعه ابن أخيه الحارث بن عقبة بغنم لهما من جبل جهينة (2) فوجدا المدينة خلوا، فسألا أين الناس؟ قالوا: بأحد، خرج رسول الله صلى الله عليه وآله يقاتل المشركين من قريش. فقالا: لا نبتغي أثرا بعد عين، فخرجا حتى أتيا النبي صلى الله عليه وآله بأحد فوجدا القوم يقتتلون، والدولة لرسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه. فأغارا مع المسلمين في النهب، وجاءت الخيل من ورائهم خالد وعكرمة فاختلط الناس، فقاتلا أشد

(1) نضد متاعه: جعل بضعه فوق بعض. والوقر: الحمل الثقيل. أي رميته بالحجر حتى اجتمعت عليه أحجار كثيرة ثقلت عليه.
(2) في المصدر: من جبل مزينة.
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست