بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ١٣٥
القتال فانفرقت فرقة من المشركين، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من لهذه الفرقة؟ فقال وهب: أنا، فقام فرماهم بالنبل حتى انصرفوا، ثم رجع فانفرقت فرقة أخرى، فقال صلى الله عليه وآله: من لهذه الكتيبة؟ فقال المزني: أنا يا رسول الله، فقام فذبها بالسيف حتى ولت، ثم رجع فطلعت كتيبة أخرى، فقال صلى الله عليه وآله: من يقوم لهؤلاء؟ فقال المزني: أنا يا رسول الله، فقال: قم وأبشر بالجنة، فقام مسرورا يقول: والله لا أقيل ولا أستقيل، فجعل يدخل فيهم ويضرب بالسيف ورسول الله صلى الله عليه وآله ينظر إليه والمسلمون حتى خرج من أقصى الكتيبة، ورسول الله يقول: " اللهم ارحمه " ثم يرجع فيهم، فما زال كذلك وهم محدقون به حتى اشتملت عليه أسيافهم ورماحهم فقتلوه، فوجد به يومئذ عشرون طعنة بالرماح كلها قد دخلت إلى مقتل (1)، ومثل به أقبح المثل يومئذ، ثم قام ابن أخيه فقاتل كنحو قتاله حتى قتل.
وقال سعد بن أبي وقاص: أشهد لرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله واقفا على المزني وهو مقتول وهو يقول: " رضى الله عنك فاني عنك راض " ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله قام على قدميه وقد ناله من ألم الجراح ما ناله على قبره (2) حتى وضع في لحده و عليه بردة لها أعلام حمر، فمد رسول الله صلى الله عليه وآله البردة على رأسه فخمره وأدرجه فيها طولا، فبلغت نصف ساقيه، فأمرنا فجمعنا الحرمل فجعلناه على رجليه وهو في لحده، ثم انصرف.
قال الواقدي: وأقبل ضرار بن الخطاب فضرب عمر بن الخطاب لما جال المسلمون تلك الجولة بالقناة، وقال: يا ابن الخطاب إنها نعمة مشكورة ما كنت لأقتلك.
قال: وقال علي عليه السلام: لما كان يوم أحد وجال الناس تلك الجولة أقبل أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة وهو دارع مقنع في الحديد ما يرى منه إلا عيناه، وهو يقول: يوم بيوم بدر، فعرض له رجل من المسلمين فقتله أمية، فصمدت له

(1) في المصدر: قد خلصت إلى مقتل.
(2) " ": وقد ناله من ألم الجراح ما ناله، وانى لاعلم ان القيام يشق عليه على قبره.
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست