بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ١٣٢
من حاله قليل ولا كثير، فقيل: أفرأيت أكفانه؟ قال: إنما كفن في نمرة خمر بها وجهه وعلى رجليه الحرمل (1)، فوجدنا النمرة كما هي، والحرمل على رجليه كهيئته، وبين ذلك وبين دفنه ست وأربعون سنة، فشاورهم (2) جابر في أن يطيبه بمسك فأبى ذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وقالوا: لا تحدثوا فيهم (3) شيئا.
قال: ويقال: إن معاوية لما أراد أن يجري العين التي أحدثها بالمدينة وهي كظامة نادى مناديه بالمدينة: من كان له قتيل بأحد فليشهد، فخرج الناس إلى قتلاهم فوجدوهم رطابا يتثنون فأصابت المسحاة رجل رجل منهم فثعبت (4) دما، فقال أبو سعيد الخدري: لا ينكر بعد هذا منكر أبدا.
قال: ووجد عبد الله بن عمرو بن حرام وعمرو بن الجموح في قبر، وخارجة بن زيد وسعد بن الربيع في قبر، فأما قبر عبد الله وعمرو فحول، وذلك أن القناة كانت تمر على قبرهما، وأما قبر خارجة وسعد فترك لان مكانه كان معتزلا، ولقد كانوا يحفرون التراب، فكلما حفروا قترة (5) من تراب فاح عليهم المسك.
قال الواقدي: وكانت نسيبة بنت كعب قد شهدت أحدا وابناها عمارة بن غزية وعبد الله بن زيد، وزوجها غزية، وخرجت ومعها شن لها في أول النهار تريد تسقي الجرحى، فقاتلت يومئذ وأبلت بلاء حسنا، فجرحت اثنى عشر جرحا بين طعنة برمح أو ضربة بسيف، فكانت أم سعد تحدث فتقول: دخلت عليها فقلت لها: يا خالة حدثيني خبرك، فقالت: خرجت أول النهار إلى أحد وأنا أنظر ما يصنع الناس ومعي سقاء فيه ماء، فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في الصحابة والدولة والريح للمسلمين، فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فجعلت أباشر القتال

(1) الحرمل، نبات البادية له حب اسود كالسمسم، ويقال بالفارسية: سپند.
(2) في نسخة المصنف: فشاور.
(3) هكذا في الكتاب ومصدره.
(4) في المصدر: فثغبت.
(5) القترة: الغبرة. وفى المصدر: القبرة.
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»
الفهرست