بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٢٨١
أما أنا فملت إلى ناحية (1) القوم، فنظر إلي عمر وقال: ما لي أراك كأن في نفسك علي شيئا؟ أتظن أني قتلت أباك؟ والله لوددت أني كنت قاتله، ولو قتلته لم أعتذر من قتل كافر، ولكني مررت به في يوم بدر فرأيته يبحث للقتال كما يبحث الثور بقرنه، وإذا شدقاه قد أزبدا كالوزغ، فلما رأيت ذلك هبته ورغت عنه، فقال:
إلى أين يا بن الخطاب، وصمد (2) له علي فتناوله، فوالله ما رمت مكاني حتى قتله، قال: وكان علي عليه السلام حاضرا في المجلس، فقال: " اللهم غفرا، ذهب الشرك بما فيه، ومحا الاسلام ما تقدم، فما لك تهيج الناس علي؟ " فكف عمر فقال سعيد: أما إنه ما كان يسرني أن يكون قاتل أبي غير ابن عمه علي بن أبي طالب وأنشأ القوم في حديث آخر.
وروى محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان (3)، عن عروة بن الزبير أن عليا عليه السلام أقبل يوم بدر نحو طعيمة بن عدي بن نوفل فشجره بالرمح، وقال له:
والله لا تخاصمنا في الله بعد اليوم أبدا.
وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري قال: لما عرف رسول الله صلى الله عليه وآله حضور نوفل بن خويلد بدرا قال: " اللهم اكفني نوفلا " فلما انكشفت قريش رآه علي بن أبي طالب عليه السلام وقد تحير لا يدري ما يصنع، فصمد له، ثم ضربه بالسيف فنشب في حجفته، وانتزعه (4) منها ثم ضرب به ساقه، وكانت درعه مشمرة فقطعها ثم أحجز عليه فقتله، فلما عاد إلى النبي صلى الله عليه وآله سمعه يقول: من له علم بنوفل؟
فقال: أنا قتلته يا رسول الله، فكبر النبي صلى الله عليه وآله وقال: الحمد لله الذي أجاب دعوتي فيه (5).

(1) في ناحية خ ل.
(2) صمد فلانا وله وإليه: قصده.
(3) ذوبان خ ل. أقول: الصحيح رومان، والرجل هو يزيد بن رومان المدني مولى آل الزبير المتوفى سنة 130. ذكره ابن حجر في تقريب التهذيب: 558.
(4) فانتزعه خ ل.
(5) ارشاد المفيد: 37 - 39.
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»
الفهرست