بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٢٧٥
صدور المعدودين من المسلمين في الشجعان، وراموا التأخر عنها لخوفهم منها و كراهتهم (1) لها، على ما جاء به محكم الذكر في التبيان، حيث يقول جل اسمه فيما قص من نبائهم (2) على الشرح له والبيان: " كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون * يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون " في الآي المتصلة بذلك إلى قوله تعالى: " ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط (3) " إلى آخر السورة، فإن الخبر عن أحوالهم فيها يتلو بعضه (4) بعضا وإن اختلفت ألفاظه اتفقت معانيه، وكان من جملة خبر هذه الغزاة أن المشركين حضروا بدرا مصرين على القتال، مستظهرين فيه بكثرة الأموال والعدد والعدة والرجال، والمسلمون إذ ذاك نفر قليل عددهم هناك، وحضرته طوائف منهم بغير اختيار، وشهدته على الكراهة منها (5) والاضطرار، فتحدثهم قريش بالبراز ودعتهم إلى المصافة والنزال، واقترحت في اللقاء منهم الأكفاء، وتطاولت الأنصار لمبارزتهم، فمنعهم النبي صلى الله عليه وآله من ذلك، فقال (6) لهم: إن القوم دعوا الأكفاء منهم، ثم أمر عليا أمير المؤمنين عليه السلام بالبروز إليهم، ودعا حمزة بن عبد المطلب و عبيدة بن الحارث رضوان الله عليهما أن يبرزا معه، فلما اصطفوا لهم لم يثبتهم القوم (7) لأنهم كانوا قد تغفروا، فسألوهم من أنتم؟ فانتسبوا لهم، فقالوا: أكفاء كرام، ونشبت (8) الحرب بينهم، وبارز الوليد أمير المؤمنين عليه السلام فلم يلبثه حتى قتله،

(1) تخوفهم منا وكراهيتهم لها خ ل.
(2) من نياتهم خ ل. أقول: في المصدر: فيما قص به من نبائهم.
(3) أشرنا إلى موضع الآيات في صدر الباب.
(4) بعضها خ ل.
(5) على الكره منها له خ ل.
(6) وقال خ ل.
(7) أي لم يعرفهم، يقال: أثبت الامر أي عرفه حق المعرفة.
(8) نشبت الحرب بينهم أي ثارت واشتبكت.
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست