بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٢٠٧
أنفسهم قللهم الله في أعينهم حتى رأوهم ستمائة وستة وعشرين رجلا تقوية لقلوبهم وذلك أن المسلمين قد قيل لهم " فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين " فأراهم الله عددهم حسب ما حد لهم من العدد الذي يلزمهم أن يقدموا عليهم ولا يحجموا عنهم وقد كانوا ثلاثة أمثالهم، ثم ظهر العدد القليل على العدد الكثير عن ابن مسعود و جماعة من العلماء، وقيل: الرؤية للمشركين، يعني يرى المشركون المسلمين ضعفي ما هم عليه، فإن الله تعالى قبل القتال قلل المسلمين في أعينهم ليجترؤوا عليهم و لا يتفرقوا (1)، فلما أخذوا في القتال كثرهم في أعينهم ليجبنوا، وقلل المشركين في أعين المسلمين ليجترؤوا عليهم، وتصديق ذلك قوله تعالى: " وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم " الآية، وذلك أحسن أسباب النصر للمؤمنين، والخذلان للكفارين، وهذا قول السدي، وهذا القول إنما يتأتى على قراءة من قرأ بالياء، فأما قول من قرأ بالتاء فلا يحتمله إلا القول الأول على أن يكون الخطاب لليهود الذين لم يحضروا وهم المعنيون بقوله: " قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون " وهم يهود بني قينقاع، فكأنه قال: ترون أيها اليهود المشركين مثلي المسلمين، مع أن الله أظفرهم عليهم فلا تغتروا بكثرتكم، واختار البلخي هذا الوجه، ويكون الخطاب (2) للمسلمين الذين حضروا الوقعة، أي ترون أيها المسلمون المشركين مثلي المسلمين، قال الفراء: يحتمل قوله: " يرونهم مثليهم " يعني ثلاثة أمثالهم (3)، والمعنى ترونهم مثليهم مضافا إليهم، فذلك ثلاثة أمثالهم، قال:
والمعجز فيه إنما كان من جهة غلبة القليل الكثير. (4)

(1) في المصدر: ولا ينصرفوا.
(2) في المصدر: أو يكون الخطاب.
(3) في المصدر: لأنك إذا قلت: عندي الف وأحتاج إلى مثلها فأنت تحتاج إلى الفين، لأنك تريد أحتاج إلى مثلها مضافا إليها لا بمعنى بدلا منها، فكأنك قلت: أحتاج إلى مثليها، وإذا قلت: أحتاج إلى مثليها فأنت تحتاج إلى ثلاثة آلاف، فكذلك في الآية المعنى يرونهم إه‍. أقول: ذلك قول بعيد لا يساعده الظاهر.
(4) زاد في المصدر هنا: وانكر هذا الوجه الزجاج لمخالفته لظاهر الكلام، وما جاء في آية الأنفال من تقليل الاعداد.
(٢٠٧)
مفاتيح البحث: القتل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»
الفهرست