بعيدا، ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد، والذي صدق قوله ونجز (1) وعده لا خلف لذلك فإنه يقول: " ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد (2) " فاتقوا الله في عاجل أمره (3) وآجله، في السر والعلانية، فإنه من يتق الله يكفر عنه سيئاته، ويعظم له أجرا، ومن يتق الله فقد فاز فوزا عظيما، وإن تقوى الله توقي مقته وتوقي عقوبته وتوقي سخطه (4)، وإن تقوى الله تبيض الوجوه، وترضي الرب، وترفع الدرجة، خذوا بحظكم، ولا تفرطوا في جنب الله، فقد علمكم الله كتابه، ونهج لكم سبيله ليعلم الذين صدقوا ويعلم الكاذبين، فأحسنوا كما أحسن الله إليكم، و عادوا أعداءه، وجاهدوا في الله (5) حق جهاده، وهو اجتباكم وسماكم المسلمين ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة، ولا جول (6) ولا قوة إلا بالله، فأكثروا ذكر الله، (7) واعملوا لما بعد الموت فإنه من يصلح ما بينه وبين الله يكفه الله ما يبنه وبين الناس، ذلك بأن الله يقضي على الناس ولا يقضون عليه، و يملك من الناس ولا يملكون منه، الله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (8) ".
فلهذا صارت الخطبة شرطا في انعقاد الجمعة (9) انتهى.