بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ١١٨
الأول: أن يقال: إن صلاة الفجر إذا كانت قصيرة يعجلون في النزول ليدركوه، بخلاف ما إذا كانت طويلة لامكان تأخيرهم النزول إلى الثالثة أو الرابعة وفيه أن هذا إنما يستقيم إذا لم يكن شهودهم من أول الصلاة لازما وهو خلاف ظاهر الخبر.
الثاني: أن يقال: لعل الحكمة اقتضت عدم اجتماع ملائكة الليل والنهار كثيرا في الأرض، فيكون تعجيل عروج ملائكة الليل أمرا مطلوبا في نفسه و معللا أيضا بتعجيل نزول ملائكة النهار.
الثالث: أن يكون شهود ملائكة النهار لصلاة الفجر في الهواء، ويكون المراد بنزولهم نزولهم إلى الأرض، فلا ينزلون إلا مع عروج ملائكة الليل.
الرابع: ما قيل: إن معناه أنه لما كانت ملائكة النهار تنزل بالتعجيل لأجل فعل ما هي مأمورة به في الأرض من كتابة الاعمال وغيرها. فكان مما يتعلق بها أول النهار ناسب ذلك تخفيف الصلاة ليشتغلوا بما أمروا به، كما أن ملائكة الليل تتعجل العروج، إما لمثل ما ذكر من كونها تتعلق بها أمور بحيث تكون من أول الليل كعبادة ونحوها، بل لو لم يكن إلا أمرها بالعروج إذا انقضت مدة عملها لكفى، فتعجيل النزول للفرض المذكور علة للتخفيف، كما أن تعجيل العروج علة مع تحصيلهم جميعا الصلاة معه، ولا يضر كون التعجيل في الأول علة العلة.
ثم اعلم أنه ورد في الفقيه والعلل هكذا: " وأقر الفجر على ما فرضت بمكة لتعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء، ولتعجيل نزول ملائكة النهار إلى الأرض فكانت ملائكة الليل وملائكة النهار يشهدون (1) ".
فعلى هذا يزيد احتمال خامس وهو أن يكون قصر الصلاة معللا بتعجيل العروج فقط، وأما تعجيل النزول فيكون علة لما بعده، أعني شهود ملائكة الليل والنهار جميعا.

(1) الفقيه: 121، علل الشرائع 14.
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست