الاخبار (1) في هذه الآيات التي ظهرت على رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة والمدينة؟ فقال: يا بني استأنف لها النهار، فلما كان من غد (2) قال: يا بني أما الغمامة فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يسافر إلى الشام مضاربا لخديجة بنت خويلد، وكان من مكة إلى بيت المقدس مسيرة شهر، فكانوا (3) في حمارة القيظ يصيبهم حر تلك البوادي، وربما عصفت عليهم فيها الرياح، وسفت (4) عليهم الرمال والتراب، وكان الله تعالى في تلك الأحوال يبعث لرسول الله صلى الله عليه وآله غمامة تظله فوق رأسه، تقف بوقوفه، وتزول بزواله، إن تقدم تقدمت، وإن تأخر تأخرت، وإن تيامن تيامنت، وإن تياسر تياسرت، فكانت تكف عنه حر الشمس من فوقه وكانت تلك الرياح المثيرة لتلك الرمال والتراب تسفيها في وجوه قريش ورواحلها (5)، حتى إذا دنت من محمد صلى الله عليه وآله هدأت وسكنت، ولم تحمل شيئا من رمل ولا تراب، وهبت عليه ريح باردة لينة، حتى كانت قوافل قريش يقول قائلها: جوار محمد أفضل من خيمة، فكانوا يلوذون به، ويتقربون إليه، فكان الروح يصيبهم بقربه، وإن كانت الغمامة مقصورة عليه وكان إذا اختلط بتلك القوافل غرباء فإذا الغمامة تسير بعيدا منهم (6) قالوا: إلى من قرنت هذه الغمامة فقد شرف وكرم، فتخاطبهم أهل القافلة: انظروا إلى الغمامة تجدوا عليها اسم صاحبها، واسم صاحبه (7) وصفيه وشقيقه، فينظرون فيجدون مكتوبا عليها: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أيدته بعلي سيد الوصيين، وشرفته بآله (8) الموالين له ولعلي وأوليائهما والمعادين لأعدائهما، فيقرأ ذلك ويفهمه من يحسن أن يكتب، ويقرء من لا يحسن ذلك.
(٣٠٨)