العشرة آلاف الودائع التي كانت عندي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبا جهل ما هذا من تلقائي فتكذبني، وإنما هذا جبرئيل الروح الأمين يخبرني به عن رب العالمين، وعليه تصحيح شهادته وتحقيق مقالته، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله هلم يا جبرئيل بالدجاجة التي أكل منها، فإذا الدجاجة (1) بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أتعرفها يا أبا جهل؟
فقال أبو جهل: ما أعرفها وما أخبرت عن شئ، ومثل هذه الدجاجة المأكول بعضها في الدنيا كثير، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أيتها الدجاجة إن أبا جهل قد كذب محمدا على جبرئيل، وكذب جبرئيل على رب العالمين، فاشهدي لمحمد بالتصديق، وعلى أبي جهل بالتكذيب فنطقت وقالت: أشهد يا محمد أنك رسول الله (2) وسيد الخلق أجمعين، وأن أبا جهل هذا عدو الله المعاند الجاحد للحق الذي يعلمه، أكل مني هذا الجانب، وادخر الباقي، وقد أخبرته بذلك، وأحضرتنيه فكذب به، فعليه لعنة الله ولعنة اللاعنين فإنه مع كفره بخيل، استأذن عليه أخوه فوضعني تحت ذيله إشفاقا من أن يصيب مني أخوه، فأنت يا رسول الله أصدق الصادقين من الخلق أجمعين، وأبو جهل الكاذب المفتري اللعين.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أما كفاك ما شاهدت، آمن لتكون آمنا من عذاب الله عز وجل، قال أبو جهل: إني لأظن أن هذا تخييل وإيهام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: فهل تفرق بين مشاهدتك لهذا وسماعك لكلامها، وبين مشاهدتك لنفسك ولسائر قريش والعرب وسماعك لكلامهم؟ قال أبو جهل: لا، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فما يدريك أن جميع ما تشاهد وتحس بحواسك تخييل؟ قال أبو جهل: ما هو بتخييل، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ولا هذا بتخييل وإلا كيف تصحح (3) أنك ترى في العالم شيئا أوثق منه؟ قال: ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وآله يده على الموضع المأكول من الدجاجة فمسح بده عليها فعاد اللحم عليه أوفر ما كان ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا با جهل أرأيت هذه الآية؟ قال: يا محمد توهمت شيئا ولا أوقنه، قال رسول الله