وخلصنا هذا وطفلان كانا معه لسنا نراهما الآن، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أما (1) إنهما سيكونان، هما الحسن والحسين سيولدان لأخي هذا، هما (2) سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما، اعلموا أن الدنيا بحر عميق،، قد غرق فيها خلق كثير، وأن سفينة نجاتها آل محمد: علي هذا وولداه اللذان رأيتموهما سيكونان، وسائر أفاضل أهلي، فمن ركب هذه السفينة نجا ومن تخلف عنها فرق، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فكذلك (3) الآخرة حميمها ونارها كالبحر (4)، وهؤلاء سفن أمتي يعبرون (5) بمحبيهم وأوليائهم إلى الجنة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أما سمعت هذا يا با جهل؟ قال: بلى حتى أنظر إلى الفرقة الثانية والثالثة.
فجاءت الفرقة الثانية يبكون ويقولون: نشهد أنك رسول رب العالمين، وسيد الخلق أجمعين، مضينا إلى صحراء ملساء ونحن نتذاكر بيننا قولك، فنظرنا السماء قد تشققت بجمر النيران تتناثر عنها، ورأينا الأرض قد تصدعت ولهب النيران يخرج منها، فما زالت كذلك حتى طبقت الأرض وملأتها، ومسنا من شدة حرها حتى سمعنا لجلودنا نشيشا من شدة حرها، وأيقنا بالاشتواء والاحتراق بتلك النيران، فبينما نحن كذلك إذ رفع لنا في الهواء شخص (6) امرأة قد أرخت خمارها فتدلى طرفه إلينا بحيث تناله أيدينا، وإذا مناد من السماء ينادينا: إن أردتم النجاة فتمسكوا ببعض أهداب هذا الخمار فتعلق كل واحد منا بهدبة من أهداب ذلك الخمار فرفعنا في الهواء ونحن نشق (7) جمر النيران ولهبها لا يمسنا شررها، ولا يؤذينا حرها (8)، ولا نثقل على الهدبة التي تعلقنا بها، ولا تنقطع الأهداب في أيدينا على دقتها، فما زالت كذلك حتى جازت بنا تلك النيران،