ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء " عز وجل، فلما غزا المسلمون فارس وافتتحوها فرح المسلمون بنصر الله عز وجل قال: قلت: أليس الله عز وجل يقول " في بضع سنين " وقد مضى للمؤمنين سنون كثيرة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وفي إمارة أبي بكر وإنما غلب المؤمنون فارس في إمارة عمر؟ فقال: ألم أقل لكم: إن لهذا تأويلا وتفسيرا، والقرآن يا با عبيدة ناسخ ومنسوخ، أما تسمع لقول الله عز وجل: " لله الامر من قبل و من بعد " يعني إليه المشية في القول أن يؤخر ما قدم ويقدم ما أخر في القول إلى يوم يحتم القضاء بنزول النصر فيه على المؤمنين، فذلك قوله عز وجل: " ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله " أي يوم يحتم القضاء بالنصر (1).
بيان: قال الفيروزآبادي: الكبوة: العثرة، والوقفة منك لرجل عند الشئ تكرهه " وقال البيضاوي: وقرئ " غلبت " بالفتح و " سيغلبون " بالضم، ومعناه أن الروم غلبوا على ريف الشام، والمسلمون سيغلبونهم، وفي السنة التاسعة من نزوله غزاهم المسلمون وفتحوا بعض بلادهم وعلى هذا يكون إضافة الغلب إلى الفاعل انتهى (2).
قوله عليه السلام: يعني غلبتها فارس، أقول: يحتمل وجهين:
الأول: أن يكون إضافة غلبتها في كلامه عليه السلام إضافة إلى المفعول، يعني مغلوبية الروم من فارس، أو يقرأ على صيغة الماضي المعلوم فيكون في قراءتهم عليهم السلام غلبت وسيغلبون " كلاهما على المجهول، فيكون مركبا من القراءتين، ولم ينقل عن أحد، ولكنه ليس بمستبعد ومثله كثير.
الثاني: أن يكون إضافة غلبتها إلى الفاعل، ويكون قراءتهم عليهم السلام موافقة لما نقلنا عن البيضاوي، فيكون إشارة إلى ثلاث وقائع: غلبة الروم على فارس في قوله:
" غلبت الروم " وغلبة فارس على الروم في قوله: " وهم من بعد غلبهم " فضمير " هم " راجع إلى فارس، لظهوره بقرينة المقام، وكذا ضمير " غلبهم " والإضافة في غلبهم إضافة إلى الفاعل،