ثم إذا صار محمد إلى رضوان الله وارتد كثير ممن كان أعطاه ظاهر الايمان وحرفوا تأويلاته (1)، وغيروا معانيه، ووضعوها على خلاف وجوهها قاتلهم بعد علي على تأويلاته حتى يكون إبليس الغاوي بهم هو الخاسئ الذليل المطرود المغلول، قال: فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله وأظهره بمكة ثم سيره منها إلى المدينة وأظهره بها ثم أنزل عليه الكتاب، وجعل افتتاح سورته الكبرى ب " ألم " يعني " ألم ذلك الكتاب " وهو ذلك الكتاب الذي أخبرت أنبيائي السالفين أني سأنزله عليك يا محمد " لا ريب فيه " فقد ظهر كما أخبرهم به أنبياؤهم أن محمدا ينزل عليه كتاب مبارك لا يمحوه الماء (2) يقرؤه هو وأمته على سائر أحوالهم (3).
بيان: لا يمحوه الماء لعله مخصوص بالقرآن الذي بخط أمير المؤمنين عليه السلام، أو المراد عدم محو جميعها بالماء، أو إذا محي بالماء لا يذهب، لأنه آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم، وفي بعض النسخ لا يمحوه الزمان وهو ظاهر.
22 - تفسير الإمام العسكري: " سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ":
قال الإمام عليه السلام: أخبر عن علمه فيهم، وهم الذين قد علم الله أنهم لا يؤمنون (4).
23 - تفسير الإمام العسكري (ع) " وإذا خلا بعضهم إلى بعض ":
قال الإمام عليه السلام: لما بهر رسول الله صلى الله عليه وآله هؤلاء اليهود بمعجزته، وقطع معاذيرهم بواضح دلالته لم يمكنهم مراجعته في حجته، ولا إدخال التلبيس عليه في معجزته، قالوا:
يا محمد قد آمنا بأنك الرسول الهادي المهدي، وأن عليا أخاك (5) هو الوصي والولي، و كانوا إذا خلوا باليهود الآخرين يقولون لهم: إن إظهارنا له الايمان به أمكن لنا من مكروهه (6)، وأعون لنا على اصطلامه (7) واصطلام أصحابه، لأنهم عند اعتقادهم أننا