بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ١٦٦
الله تعالى البشر عن معارضته، أو بأنه هو كون أسلوبه مخالفا لأساليب الكلام، أو بأنه هو كونه مبرءا عن التناقض، أو بكونه مشتملا على الاخبار بالغيوب وبما ينخرط في سلك هذا الآراء فقد كذب ابن أخت خالته، فإنا نقطع أن الاستغراب من سماع القرآن، إنما هو من أسلوبه ونظمه المؤثر في القلوب تأثيرا لا يمكن إنكاره لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، ثم إنه قد اجتمع في القرآن وجوه كثيرة تقتضي نقصان الفصاحة، ومع ذلك فإنه قد بلغ في الفصاحة النهاية، فدل ذلك على كونه معجزا.
منها: أن فصاحة العرب أكثرها في وصف المشاهدات كبعير أو فرس أو جارية، أو ملك أو ضربة أو طعنة أو وصف حرب، وليس في القرآن من هذه الأشياء مقدار كثير.
ومنها: أنه تعالى راعى طريق الصدق، وتبرأ عن الكذب، وقد قيل: إن أحسن الشعر أكذبه، ولهذا فإن لبيد بن ربيعة وحسان ابن ثابت لما أسلما وتركا سلوك سبيل الكذب والتخييل رك شعرهما.
ومنها: أن الكلام الفصيح والشعر الفصيح إنما يتفق في بيت أو بيتين من قصيدة، والقرآن كله فصيح بكل جزء منه.
ومنها: أن الشاعر الفصيح إذا كرر كلامه لم يكن الثاني في الفصاحة بمنزلة الأول وكل مكرر في القرآن فهو في نهاية الفصاحة، وغاية الملاحة.
أعد ذكر نعمان لنا إن ذكره * هو المسك ما كررته يتضوع (1).
ومنها: أنه اقتصر على إيجاب العبادات، وتحريم المنكرات، والحث على مكارم الأخلاق ، والزهد في الدنيا، والاقبال على الآخرة، ولا يخفى ضيق عطن البلاغة في هذه المواد.
ومنها: أنهم قالوا: إن شعر امرئ القيس يحسن في وصف النساء وصفة الخيل، وشعر النابغة عند الحرب، وشعر الأعشى عند الطرب ووصف الخمر، وشعر زهير عند الرغبة والرجاء، والقرآن جاء فصيحا في كل فن من فنون الكلام.
ومنها: أن القرآن أصل العلوم كلها، كعلم الكلام، وعلم الأصول، وعلم الفقه

(1) تضوع، أي انتشرت رائحته.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390