يوما فراجعتني، فرفعت يدي لأضربها وقلت: أتراجعيني يا لكعاء (1)؟ فقالت:
إن نساء رسول الله صلى الله عليه وآله يراجعنه، وهو خير منك، فقلت: خابت حفصة وخسرت، ثم أتيت حفصة وسألتها فقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قد يظل على بعض نسائه طول نهاره غضبانا، فقلت: لا تغتري بابنة أبي قحافة، فإنها حبة (2) رسول الله صلى الله عليه وآله يحمل منها ما لا يحمل منك، وقال عمر: كنت قد ناوبت رجلا من الأنصار حضور مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله ليخبر كل واحد منا صاحبه فيما يجري، فقرع الأنصاري باب الدار يوما، فقلت: أجاءنا غسان؟ وكان قد أخبرنا بأن غسان تنعل خيولها لتغزونا، فقال: أمر أفظع من ذلك، طلق رسول الله صلى الله عليه وآله جميع نسائه، فخرجت من البيت، ورأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يبكون حوله وهو جالس، وكان أنس علي البيت (3)، فقلت:
استأذن لي فلم يجب، فانصرفت فنازعتني نفسي وعاودت فلم يجب، حتى فعلت ذلك ثلاثا، فسمع رسول الله صلى الله عليه وآله صوتي فأذن، فدخلت فرأيته نائما على حصير من الليف، فاستوى وأثر الليف في جنبيه، فقلت: إن قيصر وكسرى يفرشان الديباج والحرير، فقال: أفي شك أنت يا عمر؟ أما علمت أنها لهم في الدنيا، ولنا في الآخرة، ثم قصصت عليه القصة فابتسم لما سمع قولي لحفصة: لا تغتري بابنة أبي قحافة، ثم قلت: طلقت نساءك؟
فقال: لا.
وروي أنه كان آلى من نسائه شهرا، فمكث في غرفة شهرا، فنزل قوله تعالى:
" يا أيها النبي قل لأزواجك (4) " الآية، فبدأ رسول الله صلى الله عليه وآله بعايشة وقال: إني ملق إليك أمرا فلا تبادريني بالجواب حتى تؤامري (5) أبويك، وتلا الآية، فقالت: أفيك أؤامر أبوي؟ اخترت الله ورسوله والدار الآخرة، ثم قالت: لا تخبر أزواجك بذلك، وكانت تريد أن يخترن فيفارقهن رسول الله صلى الله عليه وآله، فدار صلى الله عليه وآله على نسائه وكان يخبرهن